للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ صَحَّ وَأَقَامَ ثُمَّ مَاتَا لَزِمَهُمَا الْقَضَاءُ بِقَدْرِهِ، وَيُوصِيَانِ بِالْإِطْعَامِ عَنْهُمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا كَالْفِطْرَةِ ; وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَوْ نَفْسَيْهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا لَا غَيْرُ ; وَالشَّيْخُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ ; وَمَنْ جُنَّ الشَّهْرَ كُلَّهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَفَاقَ بَعْضَهُ قَضَى مَا فَاتَهُ ; وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ رَمَضَانَ كُلَّهُ قَضَاهُ، وَيَلْزَمُ صَوْمُ النَّفْلِ بِالشُّرُوعِ (ف) أَدَاءً وَقَضَاءً، وَإِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ، أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ، أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ أَمْسَكَ بَقِيَّتَهُ، وَقَضَاءُ رَمَضَانَ إِنْ شَاءَ تَابَعَ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَالَ: (وَإِنْ صَحَّ وَأَقَامَ ثُمَّ مَاتَا لَزِمَهُمَا الْقَضَاءُ بِقَدْرِهِ) لِأَنَّهُمَا بِذَلِكَ الْقَدْرِ أَدْرَكَا عِدَّةً مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.

قَالَ: (وَيُوصِيَانِ بِالْإِطْعَامِ عَنْهُمَا لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا كَالْفِطْرَةِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِمَا صَوْمُهُ بِإِدْرَاكِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِيَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَرَثَةِ الْإِطْعَامُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَلَا تُؤَدَّى إِلَّا بِأَمْرِهِ، وَإِنْ فَعَلُوا جَازَ وَيَكُونُ لَهُ ثَوَابُ ذَلِكَ.

قَالَ: (وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَوْ نَفْسَيْهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا لَا غَيْرُ) قِيَاسًا عَلَى الْمَرِيضِ، وَالْجَامِعُ دَفْعُ الْحَرَجِ وَالضَّرَرِ.

(وَالشَّيْخُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ وَلَا يُرْجَى لَهُ الْقَضَاءُ فَانْتَقَلَ فَرْضُهُ إِلَى الْإِطْعَامِ كَالْمَيِّتِ، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: ١٨٤] أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ.

قَالَ: (وَمَنْ جُنَّ الشَّهْرَ كُلَّهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدِ الشَّهْرَ وَهُوَ السَّبَبُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ، وَلِهَذَا يَصِيرُ مُوَلِّيًا عَلَيْهِ.

(وَإِنْ أَفَاقَ بَعْضَهُ قَضَى مَا فَاتَهُ) لِأَنَّهُ شَهِدَ الشَّهْرَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ} [البقرة: ١٨٥] شُهُودُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ شُهُودَ كُلِّهِ لَوَقَعَ الصَّوْمُ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.

قَالَ: (وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ رَمَضَانَ كُلَّهُ قَضَاهُ) لِأَنَّهُ مَرَضٌ يُضْعِفُ الْقُوَى وَلَا يُزِيلُ الْعَقْلَ، وَلِهَذَا لَا يَصِيرُ مُوَلِّيًا عَلَيْهِ فَكَانَ مُخَاطَبًا فَيَقْضِيهِ كَالْمَرِيضِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ مَعْصُومًا عَنِ الْجُنُونِ، قَالَ تَعَالَى: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: ٢] وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ.

قَالَ: (وَيَلْزَمُ صَوْمُ النَّفْلِ بِالشُّرُوعِ أَدَاءً وَقَضَاءً) وَقَدْ مَرَّ وَجْهُهُ فِي الصَّلَاةِ.

قَالَ: (وَإِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ أَوْ قَدِمَ الْمُسَافِرُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ أَمْسَكَ بَقِيَّتَهُ) وَلَا يَجِبُ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ، وَلَوْ صَامُوهُ لَمْ يُجْزِهِمْ لِانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ فِي أَوَّلِهِ، وَالْأَدَاءُ لَا يُجْزِي إِلَّا فِي الْمُسَافِرِ إِذَا قَدِمَ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ وَنَوَى جَازَ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ أَهْلٌ فِي أَوَّلِهِ. وَأَمَّا إِمْسَاكُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ لِئَلَّا يَتَّهِمَهُ النَّاسُ، وَالتَّحَرُّزُ عَنْ مَوَاضِعِ التُّهَمِ وَاجِبٌ. قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقِفَنَّ مَوَاقِفَ التُّهَمِ» .

قَالَ: (وَقَضَاءُ رَمَضَانَ إِنْ شَاءَ تَابَعَ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَ) لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] لَمْ يُشْرَطْ فِيهِ التَّتَابُعُ وَهُوَ أَفْضَلُ مُسَارَعَةً إِلَى إِسْقَاطِ الْفَرْضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>