للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّكْلِيفِ، أَمَّا حُصُول الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ فَلاَ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِالْمَشْرُوطِ خِلاَفًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَهِيَ (الْمَسْأَلَةُ) مَفْرُوضَةٌ فِي تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ وَإِنْ كَانَتْ أَعَمَّ مِنْهُ.

وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ عَقْلاً (١) .

أَمَّا خِطَابُ الْكُفَّارِ بِالْفُرُوعِ شَرْعًا فَفِيهِ - كَمَا قَال الزَّرْكَشِيُّ - مَذَاهِبُ:

الْقَوْل الأَْوَّل: أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ مُطْلَقًا فِي الأَْوَامِرِ وَالنَّوَاهِي بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الإِْيمَانِ بِالْمُرْسَل كَمَا يُخَاطَبُ الْمُحْدِثُ بِالصَّلاَةِ بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ.

وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (٢) ، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ عَذَّبَهُمْ بِتَرْكِ الصَّلاَةِ وَحَذَّرَ الْمُسْلِمِينَ بِهِ، وقَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (٣) .

فَالآْيَةُ نَصٌّ فِي مُضَاعَفَةِ عَذَابِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْقَتْل وَالزِّنَا، لاَ كَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ


(١) البحر المحيط للزركشي ١ / ٣٩٧ - ٣٩٨.
(٢) سورة المدثر / ٤٢ - ٤٣.
(٣) سورة الفرقان / ٦٨ - ٦٩.