للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكن وبين المولى مهايأة فهو كالعبد وإن كان بينهما مهايأة ففي اليوم الذي هو للمولى كالعبد لا يعتكف لأن حق السيد متعلق بمنفعته وفي اليوم الذي هو له كالمكاتب لأن حق المولى لا يتعلق بمنفعته.

فصل: ولا يصح الاعتكاف من الرجل إلا في المسجد لقوله تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:١٨٧] فدل على أنه لا يكون إلا في المسجد ولا يصح الاعتكاف من المرأة إلا في المسجد لأن من صح اعتكافه في المسجد لم يصح اعتكافه في غير المسجد كالرجل.

فصل: والأفضل أن يعتكف في المسجد الجامع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد الجامع ولأن الجماعة في صلاته أكثر ولأنه يخرج من الخلاف فإن الزهري قال: لا يجوز في غيره وإن نذر أن يعتكف في مسجد غير المساجد الثلاثة بعينه - وهي المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى - جاز أن يعتكف في غيره - لأنه لا مزية لبعضها على بعض فلم يتعين وإن نذر أن يعتكف في المسجد الحرام لزمه أن يعتكف فيه لما روي أن عمر رضي الله عنه قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أوف بنذرك" ولأنه أفضل من سائر المساجد ولا يجوز أن يسقط فرضه بما دونه وإن نذر أن يعتكف في مسجد المدينة أو المسجد الأقصى ففيه قولان: أحدهما أنه يلزمه أن يعتكف فيه لأنه مسجد ورد الشرع بشد الرحال إليه فتعين بالنذر كالمسجد الحرام والثاني لا يتعين لأنه مسجد لا يجب قصده بالشرع فلم يتعين بالنذر كسائر المساجد.

فصل: والأفضل أن يعتكف بصوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في شهر رمضان فإن اعتكف بغير صوم جاز لحديث عمر رضي الله عنه إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أوف بنذرك" ولو كان الصوم شرطاً فيه لم يجزه بالليل وحده فإن نذر أن يعتكف يوماً بصوم فاعتكف بغير صوم ففيه وجهان: قال أبو علي الطبري يجزيه الاعتكاف عن النذر وعليه أن يصوم يوماً لأنهما عبادتان تنفرد كل واحدة منهما عن الأخرى فلم يلزمه الجمع بينهما بالنذر كالصوم والصلاة وقال عامة أصحابنا لا يجزئه - وهو المنصوص في الأم - لأن الصوم صفة مقصودة في الاعتكاف فلزمه بالنذر كالتتابع ويخالف الصوم والصلاة لأن إحداهما ليست بصفة مقصودة في الأخرى

فصل: ويجوز الاعتكاف في جميع الأزمان والأفضل أن يعتكف في العشر

<<  <  ج: ص:  >  >>