للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ذهاب ضوء الشمس أو القمر أو بعضه (١) وفعلها ثابت بالسنة المشهورة (٢) واستنبطها بعضهم من قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} (٣) .


(١) أي والكسوف ذهاب ضوء الشمس كله أو ضوء القمر كله أو بعض ضوء الشمس أو القمر، والمراد استتاره لا فقده لقوله «ينجلي» ونحوه القمر.
(٢) المستفيضة من أمره وفعله صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين والسنن والمسانيد وغيرها، من وجوه كثيرة: منها ما أخرجاه من حديث أبي مسعود الأنصاري قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافرغوا إلى ذكر الله، وإلى الصلاة» وفيهما أيضًا من حديث المغيرة، نحوه، وفي آخره «فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي» وفيهما من حديث جابر نحوه وفي آخره «فصلوا حتى ينجلي» ، وفي رواية عن ابن مسعود، «فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم» ، ومن حديث عائشة «حتى يكشف ما بكم» ، ويأتي، وفي البخاري عن أبي موسى قال: «هذه الآيات التي يرسل الله، لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يخوف بها عباده، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره» وغير ذلك مما استفاض عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى بالمسلمين صلاة الكسوف، يوم مات ابنه إبراهيم.
(٣) أي اسجدوا لله عند كسوفهم والمراد على هذا التقدير الصلاة، عند طائفة من أهل العلم، فإنه حيث كان شرك المشركين منه بالشمس والقمر، وهو جعل حق رب العالمين لبعض الخلق، فالاستنباط بأن الله أمر بالسجود بعد ذكر أنها من آياته، ووقته عند تغيرهما، فاستنبطوا السجود من عمومها، ودل على أنه يسجد عند آياته، ويرشحه ما ورد في السنة، وقال زكريا الأنصاري: احتج بقوله {وَاسْجُدُوا للهِ} أي عند كسوفها، لأنه أرجح من احتمال أن المراد النهي عن عبادتهما، لأنهم كانوا يعبدون غيرهما، فلا معنى لتخصيصهما بالنهي، والمراد على تقديم تمام هذا الاحتجاج بالسجود الصلاة اهـ والحكمة في ذلك والله أعلم، لما يحصل عند ذلك من الخشوع، والمراقبة في تلك الحال المدهشة بحيث أن آيتين من أعظم آيات الله، لا صنع لهما، بل هما كسائر المخلوقات، يطرأ عليهما النقص والتغيير كغيرهما، ولأحمد «آيتان من آيات الله، يعتبر بهما عباده، فينظر من يحدث منهم توبة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>