للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففى الصحيح عن عروة قال: سألت عائشة رضى الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} قال: فوالله ما على أحد جناح ألا يطوف بالصفا والمروة. قالت: بئسما قلت يا ابن أختى؛ إن هذه الآية لو كانت كما أولتها عليه كانت: لا جناح عليه ألا يتطوف بهما. ولكنها أنزلت فى الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون (١) لمناة الطاغية (٢) التى كانوا يعبدونها عند المُشَلَّل (٣) فكان من أَهلَّ يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة. فلما أسلموا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قالوا: يا رسول الله! إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة، فأنزل الله عز وجل: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} قالت عائشة: "وقد سن (٤) رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما؛ فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما" (٥) .


(١) أى يرفعون أصواتهم بالتلبية عند الحج. ينظر: النهاية فى غريب الحديث ٥/٢٣٤.
(٢) اسم صنم، كان لهذيل وخزاعة بين مكة والمدينة، ينظر: المصدر السابق ٤/٣١٣.
(٣) بضم الميم، وفتح الشين، وتشديد اللام الأولى، وفتحها، موضع بين مكة والمدين٧ة. ينظر: المصدر نفسه ٤/٢٨٥.
(٤) أى فرض صلى الله عليه وسلم بالسنة، وليس مرادها نفى فرضيتها، ويؤيده قولها: "ما أتم الله حج امرئ، ولا عمرته، لم يطوف بين الصفا والمروة" أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الحج، باب ما يفعل بالعمرة، ما يفعل بالحج ٣/٧١٩ رقم ١٧٩٠، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الحج، باب بيان أن السعى بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به ٥/٢٥ رقم ١٢٧٧.
(٥) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الحج، باب وجوب الصفا والمروة، وجُعِلَ من شعائر الله ٣/٥٨١ رقم ١٦٤٣، ومسلم فى الأماكن السابقة نفسها فى الحديث السابق.

<<  <   >  >>