للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقَلُّهَا عَلَى مَا فِي الْجَوْهَرَةِ ثَمَانٍ، وَلَوْ جَعَلَهُ أَثْلَاثًا فَالْأَوْسَطُ أَفْضَلُ، وَلَوْ أَنْصَافًا فَالْأَخِيرُ أَفْضَلُ.

وَإِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْعِيدَيْنِ، وَالنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَكُونُ بِكُلِّ عِبَادَةٍ تَعُمُّ اللَّيْلَ أَوْ أَكْثَرَهُ.

ــ

[رد المحتار]

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاظَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ نَسْخِ الْفَرْضِيَّةِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهَا عَلَى مَا فِي الْجَوْهَرَةِ ثَمَانٍ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا فِي الْجَوْهَرَةِ لِأَنَّهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ قَالَ: يُصَلِّي مَا سَهُلَ عَلَيْهِ وَلَوْ رَكْعَتَيْنِ وَالسُّنَّةُ فِيهَا ثَمَانِي رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ تَسْلِيمَاتٍ اهـ وَالتَّقْيِيدُ بِأَرْبَعِ تَسْلِيمَاتٍ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَلَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحِلْيَةِ، وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى «أَنَّ أَقَلَّ تَهَجُّدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَّ مُنْتَهَاهُ كَانَ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ» أَخْذًا مِمَّا فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ. ثُمَّ سَاقَ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ الْأَحَادِيثَ الدَّالَّةَ عَلَى مَا عَيَّنَهُ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ مُنْتَهَاهُ، وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد الدَّالُّ عَلَى أَنَّ «أَقَلَّ تَهَجُّدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعٌ سِوَى ثَلَاثٍ الْوِتْرِ» ، وَتَمَامُ ذَلِكَ فِيهَا فَرَاجِعْهَا، لَكِنْ ذَكَرَ آخِرًا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اسْتَيْقَظَ مِنْ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ كُتِبَا مِنْ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. اهـ.

أَقُولُ: فَيَنْبَغِي الْقَوْلُ بِأَنَّ أَقَلَّ التَّهَجُّدِ رَكْعَتَانِ وَأَوْسَطُهُ أَرْبَعٌ وَأَكْثَرُهُ ثَمَانٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ جَعَلَهُ أَثْلَاثًا إلَخْ) أَيْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ ثُلُثَهُ وَيَنَامَ ثُلُثَيْهِ فَالثُّلُثُ الْأَوْسَطُ أَفْضَلُ مِنْ طَرَفَيْهِ لِأَنَّ الْغَفْلَةَ فِيهِ أَتَمُّ وَالْعِبَادَةُ فِيهِ أَثْقَلُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ نِصْفَهُ وَيَنَامَ نِصْفَهُ فَقِيَامُ نِصْفِهِ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ لِقِلَّةِ الْمَعَاصِي فِيهِ غَالِبًا وَلِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» وَمَعْنَى يَنْزِلُ رَبُّنَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ كَمَا أَوَّلَهُ بِهِ الْخَلَفُ وَبَعْضُ أَكَابِرِ السَّلَفِ، وَتَمَامُهُ فِي تُحْفَةِ ابْنِ حَجَرٍ، وَذَكَرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ الثُّلُثِ الْأَوْسَطِ السُّدُسُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ لِلْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى صَلَاةُ دَاوُد، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» . اهـ. وَبِهِ جَزَمَ فِي الْحِلْيَةِ.

[تَتِمَّةٌ]

ذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ أَيْضًا مَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ تَرْكُ تَهَجُّدٍ اعْتَادَهُ بِلَا عُذْرٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ عُمَرَ «يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ ثُمَّ تَرَكَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُكَلَّفِ الْأَخْذُ مِنْ الْعَمَلِ بِمَا يُطِيقُهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا.

مَطْلَبٌ فِي إحْيَاءِ لَيَالِي الْعِيدَيْنِ وَالنِّصْفِ وَعَشْرِ الْحِجَّةِ وَرَمَضَانَ

(قَوْلُهُ وَإِحْيَاءُ لَيْلَةِ الْعِيدَيْنِ) الْأَوْلَى لَيْلَتَيْ بِالتَّثْنِيَةِ: أَيْ لَيْلَةِ عِيدِ الْفِطْرِ، وَلَيْلَةِ عِيدِ الْأَضْحَى.

(قَوْلُهُ وَالنِّصْفِ) أَيْ وَإِحْيَاءُ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ.

(قَوْلُهُ وَالْأُوَل) أَيْ وَلَيَالِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ إلَخْ. وَقَدْ بَسَطَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْإِمْدَادِ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ هَذِهِ اللَّيَالِيِ كُلِّهَا فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَيَكُونُ بِكُلِّ عِبَادَةٍ تَعُمُّ اللَّيْلَ أَوْ أَكْثَرَهُ) نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ، قِيلَ هُوَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّهُ فَسَّرَ ذَلِكَ بِنِصْفِ اللَّيْلِ وَقَالَ " مَنْ أَحْيَا نِصْفَ اللَّيْلِ فَقَدْ أَحْيَا اللَّيْلَ " وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَحَادِيثِ الِاسْتِيعَابُ، لَكِنْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ " مَا أَعْلَمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحَ " فَيَتَرَجَّحُ إرَادَةُ الْأَكْثَرِ أَوْ النِّصْفِ، لَكِنَّ الْأَكْثَرَ أَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَا يَقْتَضِي تَقْدِيمَ النِّصْفِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>