للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجموع الأحاديث أنه كان واجباً لثبوت الأمر بصومه، ثم تأكد الأمر بذلك، ثم زيادة التأكيد بالنداء العام، ثم زيادته بأمر مَن أكل بالإمساك، ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن فيه الأطفال، وبقول ابن مسعود: "لما فرض رمضان ترك عاشوراء، مع العلم أنه ما ترك استحبابه بل هو باقٍ، فدلّ على أن المتروك وجوبه.

وأما قول بعضهم المتروك تأكداً استحبابه والباقي مطلق استحبابه فلا يخفى ضعفه، بل تأكد استحبابه باق ولا سيما مع استمرار الاهتمام به حتى في عام وفاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حيث يقول: (لئن عشت لأصومن التاسع والعاشر) ولترغيبه في صومه وأنه يكفر سنة، وأي تأكيد أبلغ من هذا؟ ".

الحالة الثالثة: لماّ فرض صيام شهر رمضان ترك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر الصحابة بصيام عاشوراء وتأكيده فيه.

* روى مسلم عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صامه والمسلمون قبل أن يُفترض رمضان فلما افترض رمضان قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه".

* وروى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن يوم عاشوراء كان يصام في الجاهلية. فلما جاء الإسلام من شاء صامه ومن شاء تركه".

* روى مسلم عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده".

* وفي الصحيحين عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان خطيبا بالمدينة يعني في قَدْمة قدمها خطبهم يوم عاشوراء فقال: أين علماؤكم يا أهل المدينة سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لهذا اليوم: "هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصوم فليصم ومن أحب أن يفطر فليفطر" (١) .

وروى مسلم عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إنما هو يوم كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


(١) هذا من كلام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد جاء مبيناً في رواية النسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>