للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث ابن عباس أن المدارسة بينه -صلى الله عليه وسلم- وبين جبريل كانت ليلا، وهو يدل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان ليلا؛ لأن الليل تنقطع فيه الشواغل وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر.

وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بقدوم رمضان، كما أخرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة ولفظه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول: "قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم الخير الكثير".


"وفي حديث ابن عباس" في قوله في بعض طرقه، وكان، أي: جبريل يلقاه كل ليلة "أن المدارسة بينه -صلى الله عليه وسلم- وبين جبريل كانت ليلًا، وهو يدل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان ليلا؛ لأن الليل تنقطع فيه الشواغل وتجتمع فيه الهمم ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر" وفيه أن القرآن أفضل من سائر الأذكار، إذ لو كان الذكر أفضل أو مساويا لفعله، فإن قيل: القصد تجويدا لحفظ قلنا: الحفظ كان حاصلا، والزيادة فيه تحصل ببعض المجالس "وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بقدوم رمضان" إذاعة لفضله وحثا عليه "كما أخرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة، ولفظه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول: "قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب": فرض "الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء" الذي في الفتح عن أحمد والنسائي أبواب الجنة وهو المناسب لقوله: "وتغلق فيه أبواب الجحيم": النار حقيقة فيهما، ففتح الجنة لمن مات فيه أو عمل عملا لا يفسد عليه، وذلك علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته، وكذلك غلق أبواب الجحيم "وتغل فيه" أي: تربط "الشياطين" بالأغلال التي تربط بها اليدان والرجلان وتربط في العنق، وهو حقيقة أيضا منعا لهم من أذى المؤمنين ولا يشكل بوقوع المعاصي في رمضان كغيره؛ لأنها إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه وهو المغلول بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم كما في الترمذي: صفدت الشياطين مردة الجن والقصد تقليل الشر فيه، وهو أمر محسوس، فإن وقوعه فيه أقل من غيره بكثير أو لا يلزم من غل الشياطين أن لا يقع شر ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية وقيل غير ذلك.
"فيه ليلة خير من ألف شهر" ليس فيها ليلة قدر "من حرمها" أي: العمل الصالح فيها "فقد حرم الخير الكثير".

<<  <  ج: ص:  >  >>