للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تأخر عنها الخطاب وأصبحت تشعر بملل وكوابيس]

[السُّؤَالُ]

ـ[أخجل كثيرا من التحدث في هذا الموضوع، ولكنني مضطرة كثيرا لأنني الآن وصلت إلى عمر ٣٠ رغم أنني لا يظهر علي العمر، ولم أتزوج بعد، وعلما أنني خريجة الجامعة، وحاليا أدرس الماجستير وعلى قدر كبير من الجمال، والله شاهد على كلامي، ومحبوبة جدا من صديقاتي ومتواضعة وهم أيضا يستغربون من الوضع ودائما يقولون لي لماذا لم تتزوجي بعد. هناك من يعجب بي أحس بذلك، ويطلبني ولكن لا يعود مرة أخرى ويترك الموضوع وهناك شيء أريد أن أقول لكم بأنني حريصة جدا في التعامل وهذا لأنني أقول حرام من الناحية الدينية أن أتعامل مع شخص وليس هناك ارتباط رسمي بيننا بينما الشخص المقابل يفسر تصرفاتي غلطا ويقولون بأني معقدة، فهل هذا سبب هروب الخطاب مني، وإلى متى وهل أغير تعاملي، وهل تغير العصر وأصبح أمثالي غير مقبولة، وهل سبب أنني محجبة وصديقاتي غير المحجبات تزوجوا ولديهم أولاد. لا أستطيع تفسير الموضوع وأنني دائما حزينة جدا، ولا أريد الإطالة عليكم، ولكنني أريد أن أقول لكم إنني عندما أدعو لغيري دعائي يقبل، ولكن عندما أدعو لنفسي لا. ولهذا أحس ببرودة في صلاتي ودعائي أصبحت الآن لا أدعو مطلقا، وأصبت بملل وأعاني من التشنجات وآلام قوية في الرقبة كلما قرأت القرآن. وعندما أقرأ القرآن أرى منامات مزعجة مثل القطط وأناس غرباء لا أعرفهم وكوابيس. وحتى في السجدة لا أستطيع الدعاء لنفسي. ساعدوني أرجوكم فكم صعبة هذه الحياة، وأنا في وسط لا أحد مثلي، فكلهم لديهم العائلة، وأنا لا فإنني أتعس واحدة في هذا العالم، وكأن الخير والسعادة ليسا من نصيبي. فماذا أفعل أرجوكم ساعدوني وادعو لي أمانة فأنتم أملي الوحيد بعد الله؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يفرج كربك، وأن ييسر أمرك، وأن يرزقك زوجا صالحا تقر به عينك إنه سميع مجيب.

واعلمي أنه ما من شيء في هذا الكون إلا ويجري بتقدير الله تعالى، وسيأتيك بإذن الله تعالى ما كتب لك من الأزواج، فعليك بالصبر أولا، ولا تتواني في أمر الدعاء، فإنه من أعظم ما يمكن أن يتحقق به المطلوب، ولا تلتفتي إلى ما يمكن أن يثنيك عن الدعاء، فإنه يستجاب للمرء ما لم يستعجل كما ورد في الحديث، وراجعي آداب الدعاء بالفتوى رقم: ٢٣٥٩٩.

وقولك بأنك أتعس واحدة في هذا العالم كلام باطل من إيحاء الشيطان ليدخل الحزن إلى قلبك، وعليك أن تتذكري نعمة الله عليك بالإسلام والعافية في البدن والأمن وغير ذلك من نعمه الكثيرة التي لا تحصى، والتي يفقدها كثير من الناس، فإذا فعلت ذلك علمت ما أنت فيه من الخير، وانشرح صدرك لسؤال الله تعالى المزيد من الخير.

ونوصيك بإحسان الظن بالله تعالى، وأنه يفعل بالإنسان ما هو خير له، وإن كان هذا الإنسان لا يعلم الخير بالتفصيل.

وهذه الآلام التي تعاني منها قد يكون سببها وجود شيء من التوتر بسبب التفكير في أمر الزواج، ويمكنك أن تراجعي بخصوصها بعض المختصين من الأطباء. وانظري في ضوابط تداوي المرأة الفتوى رقم: ٨١٠٧.

ونوصيك بالاستعانة ببعض صديقاتك في سبيل الحصول على زوج صالح، كما أنه يجوز لك عرض نفسك على من ترغبين في الزواج منه من الصالحين على أن تلتزمي بالضوابط الشرعية في الحديث معه ونحو ذلك، ولا يجوز لك الخروج عن حدود الأدب والحياء في التعامل مع الرجال الأجانب، ولا تلتفتي إلى ما قد يجول بخاطرك من وساوس الشيطان بكون تعاملك بحزم مع الرجال الأجانب هو سبب صدود الخطاب عنك، ولعلك تعلمين كثيرا ممن أزلن ماء الحياء عن وجوههن وتساهلن في التعامل مع الأجانب لم يتزوجن، ومن تزوجت منهن لم يدم زواجها طويلا. فلا تلتفتي إلى شيء من الترهات في هذا الجانب، وعليك بالحفاظ على دينك.

وقد يكون صدود الخطاب عن المرأة بسبب وجود شيء من السحر أو العين ونحوهما، فإن غلب على ظنك وجود ذلك فعليك بالرقية الشرعية والحرص على تلاوة القرآن وذكر الله تعالى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>