للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مشاهدة بره وإحسانه سبحانه وتعالى]

[السادس: مشاهدة بره وإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة].

يجب مشاهدة النعم، وهي تزيد في الطاعة، ومعنى مشاهدتها: إشعار القلب بها، والنعم لا حصر لها، فالبصر الذي يبصر به نعمة كبيرة من الله، والسمع الذي يسمع به نعمة عظيمة يجب أن يشكر الله جل وعلا على ذلك، ويعبده بذلك، فيستعمل السمع والبصر في عبادة الله جل وعلا، والعقل نعمة عظيمة على الإنسان؛ ولهذا يقول جل وعلا: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:٣٦] يعني: هذه نعم يسأل عنها الإنسان، هل استعملها في طاعة الله جل وعلا، أم أنه استعملها في المعاصي واتباع الشيطان؟ ومن النعم العظيمة: صحة البدن، فكون الله جل وعلا وهبك صحة في بدنك هذه نعمة يجب أن تعبد الله جل وعلا بهذه الصحة، وتنتهز الفرصة قبل أن يأتي المرض.

ومن النعم عدم الشغل، كونك ما عندك شيء يشغلك ويمنعك من التعبد والذكر والتلاوة وغير ذلك، وهذا شيء قد يغفل عنه الإنسان، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ)؛ لأن الإنسان ما يدوم صحيحاً، لابد أن يمرض، ولا يبقى أيضاً فارغاً، لابد أن يشغله شيء، وفي النهاية يموت وينتهي.

كذلك من النعم العظيمة التي أنعم الله جل وعلا بها على عباده كونه سخر لهم ما في السماء وما في الأرض، كل شيء مسخر للإنسان، السحاب والمطر والأرض والنبات وغيرها، قال الله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم:٣٤]، فهي كثيرة جداً، فيجب على الإنسان أن يستشعر نعم الله جل وعلا عليه في كل صغيرة وكبيرة، ويستعين بالنعمة على عبادته، وهذا إذا فعله الإنسان كان سبباً لمحبة الله له، فيحبه الله جل وعلا ويزيده طاعة؛ لأن شكر النعمة وعد الله جل وعلا عليه بالزيادة.

وأعظم النعم على الإطلاق أن الله جل وعلا هداك للإسلام، وجعلك مسلماً، وإذا نظر الإنسان إلى الناس الذين في الأرض اليوم يرى أن أكثرهم كفاراً، فما الذي خصك من بين هؤلاء الخلق؟ ما هو إلا فضل من الله، ونعمة تفضل بها عليك، فعليك أن تعترف بهذا، وتشكر الله جل وعلا؛ لأن ثمرة الإنسان هي حياته هذه، إذا اكتسب فيها العمل الصالح وكان مؤمناً بالله، فبعد الموت تكون الحياة الحقيقة الأبدية الدائمة، أما إذا كان بالعكس فقد اكتسب بهذه الحياة الشقاء السرمدي الذي لا نهاية له، والمقصود أن نعم الله كثيرة جداً، ولكن أعظمها وأكبرها أن يكون الإنسان مسلماً، ويموت على الإسلام.