للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي النيابة في حج التطوع قولان: وبالجواز قال أبو حنيفة ومالك وأحمد.

ولا خلاف في جواز حج الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل.

وقال الحسن بن صالح: يكره حج المرأة عن الرجل.

وأخبرنا الشافعي (رضي الله عنه): أخبرنا سعيد بن سالم، عن حنظلة قال: سمعت طاوسًا يقول: أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة، فقالت: إن أمي ماتت وعليها [حج] (١)، فقال: "حجي عن أمك".

هذا الحديث مرسل، طاوس تابعي كثير الرواية عن ابن عباس، ويشبه أن يكون هذا الحديث رواية عنه، ولفظ هذا الحديث لا يدل على أن المرأة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جواز حجها عن أمها, لأنها لم تقل إلا أن أمها ماتت وعليها حج، فقال لها ابتداًء من نفسه: "حجي عن أمك" فأمرها بالحج عنها وإن كانت لم تسأله عن ذلك.

وهذا حجة لمن قال: إن الميت يجوز أن يحج عنه وإن لم يوص. وهو مذهب الشافعي، وبه قال عطاء، وابن سيرين وأصحاب الرأي، وأبو ثور، وروي ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة.

وقال مالك: لا يحج عن الميت إلا أن يوصي. وبه قال النخعي.

وقيل: إن مالكًا قال: إذا لم يوص فإن تطوع عنه بغير الحج كالصدقة، والعتق ونحوهما أحب إلى.

وأخبرنا الشافعي قال: وذكر مالك -أو غيره-، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن عباس أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أمي عجوز كبيرة لا تستطيع أن نركبها على البعير وإن ربطتها خفت أن تموت، أفأحج عنها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم".

هكذا أخرجه الشافعي في كتاب اختلافه مع مالك (٢)، وقد تقدم حديث ابن


(١) سقطت من الأصل والمثبت من مطبوعة المسند.
(٢) الأم (٧/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>