للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب لقوله: «فيسال هل ترك لدينه من قضاء؟ » إذ لو كان يعلم الغيب لم يسأل، وهذا الأمر واضح، فإن الله أمر أن يبلغ، فقال الله له: {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إن ملك} [الأنعام: ٥٠] فهو لا يعلم الغيب- عليه الصلاة والسلام- لا في حياته ولا في مماته، وإن كان قد تعرض عليه أعمال أمته، لكن هذا ليس علماً بالغيب بل هذا يوصل إليه ويبلغ به كما كان يبلغ به في حياته.

ومن فوائد الحديث: قبول خبر الواحد لقوله: «فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه» كلمة «حدث» مبني للمجهول يصلح أن يكون الذي حدثه واحداً، أو أكثر، لكن نحن نعلم أنه إذا لم يكن للميت إلا ولي واحد فإنه لن يعلم بحاله إلا واحد، أما إذا كان له أولياء متعددون فإنهم يعلمون بحاله، فالظاهر أنه يؤخذ من هذا قبول خبر الواحد، لكن فيما لم يكن فيه نزاع، أما إذا كان فيه نزاع فإنه يوكل إلى الحاكم الشرعي ويقضي فيه بما تقتضيه الأدلة.

ومن فوائد الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصلي على من عليه دين لا وفاء له لقوله: «فإن حدث ... إلخ» وإن لم يوف لماذا؟

لأن حق الغريم صار مضمونا بما تركه من الوفاء، فإن الورثة ليس لهم سلطان على التركة إلا بعد قضاء الدين لقوله تعالى في آيات المواريث {من بعد وصية يوصي بها أودين} فلو مات ميت وخلف مليوناً من الدراهم وخلف ابنا وبنتا وعليه مليوناً من الدراهم ديناً فليس للابن والبنت شيء من هذا المليون الذي تركه أبوهما، لماذا؟ لأنه لا حق للوارث إلا بعد قضاء الدين، ولهذا إذا قيل: إن خلف وفاء صلى عليه.

ومن فوائد الحديث: وجوب الصلاة على الميت لقوله: «وإلا قال: صلوا على صاحبكم والأمر للوجوب».

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لمن له شأن في البلد إذا مات ميت عليه دين لا وفاء له ألا يصلي عليه، وأن يبين سبب ذلك، فيقول مثلا: هل عليه دين؟ إذا قالوا: نعم، قال: هل له وفاء فإذا قالوا: لا قال: إذن صلوا عليه؛ لأن في ذلك فائدتين: الفائدة الأولى: الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله يقول: {لقد كان لكم في رسول الله أسوى حسنة} [الأحزاب: ٢١] الفائدة الثانية: أن ذلك أدعى إلى حذر الناس من الدين وهيبثهم منه، لاسيما في وقتنا الحاضر حيث استهان الناس بالديون، وصار الرجل يستدين الألف والألفين، وكأنما استدان درهما أو درهمين، ولا يبالى ثم إن من الناس من يستدين لأمور كمالية، بل يستدين لأمور إسرافية، يسرف رجل فقير لا يملك إلا مائة ريال، بنى قصراً يبنيه من يملك مليون ريال قال: أبني قصراً مثل فلان، لو أبني بيتاً قال الناس، هذا مسكين فقير قال: لا أنا أريد أن أبني قصراً مشيداً والسيارة عنده سيارة صغيرة على قدر

<<  <  ج: ص:  >  >>