للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو على فراشه في بيته مريضًا لا يصلي، نقول له: لماذا؟ يقول: ثيابي نجسة، أو بدني نجس، هذا ليس بعذر هذا لو ماتا ولم يصل فهو على خطر، ولذلك يجب أن يبين للناس أنه يصلي على حسب حاله؛ {فاتقوا الله ما استطعتم}، وهل يعيد إذا صلى على حسب حاله بدون وضوء ولا تيمم ولا اجتناب نجاسة إذا عافاه الله؟ لا؛ لأنه قد فعل ما أمر به فاتقى الله ما استطاع.

****

[٨ - باب سجود السهو وغيره من سجود التلاوة والشكر]

هذه ثلاثة أنواع من السجود: سجود السهو، سجود التلاوة، سجود الشكر، أما سجود السهو فسببه: أن يسهو الإنسان في صلاته، وأما سجود التلاوة فسببه: إذا مر بآية سجدة وهو يتلو القرآن يسجد، وأما سجود الشكر فيه: أن تتجدد له نعمة، أو تندفع عنه نقمة، وسيأتي- إن شاء الله تعالى- بين حكم سجود التلاوة والشكر.

أولًا: سجود السهو:

أعلم أن السهو المضاف إلى الصلاة يكون على نوعية؛ تارة يتعدى ب"في" وتارة يتعد ب"عن" فإن تعدى ب"عن" فهو مذموم ومتوعد عليه في قوله تعالى: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} (الماعون: ٤ - ٥). السهو في الصلاة هو إضاعتها وعدم الاهتمام بها وعدم العناية لها، ولهذا قال بعض أهل العلم: الحمد لله الذي لم يقل: "الذين هم في صلاتهم ساهون"، وإنما قال: {الذين هم عن صلاتهم ساهون}، كما خمد الله بعض أهل العلم حيث قال: {والكافرون هم الظالمون} (البقرة: ٢٥٤). ولم يقل: "والظالمون هم الكافرون"؛ لأنه لو قال: "والظالمون هم الكافرون" صار كل ظالم كافرًا، ولو كان ظلمه لا يخرجه من الإسلام.

المهم أن الله (عز وجل) توعد الذين هم عن صلاتهم ساهون: {فويل للمصلين} الذين هم عن صلاتهم ساهون}، هم يصلون لكنهم لا يهتمون بصلاتهم، يفرطون في الواجب، أو يفعلون المحرم، وإذا كان الوعيد لمن يصلي وهو ساهٍ عن صلاته، فما بالك بمن لا يصلي أبدًا- والعياذ بالله- إنه أعظم وأشد، أما السهو في الصلاة، فإنه سهو يكون فيها لا عنها؛ بأن ينسى الإنسان شيئًا منها أو ينسى فيزيد شيئًا ليس منها، والنسيان على هذا الوجه أمر جبلي طبع عليه البشر، ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وسلم) "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون"، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) ينسى كما ينسى البشر، لكن ما طريقة البلاغ لا يمكن أن ينساه، وإن نسيه نذكره، {سنقرئك فلا تنسى، إلا ما شاء الله} (الأعلى: ٦ - ٧). وقد ثبت في الصحيح من حديث عائشة (رضي الله عنها) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سمع رجلًا يقرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>