للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يدْرِ كم صلى ثلاثًا أم أربعًا؟ فليطرح الشك وليَبْنِ على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم» (١).

٥ - وفي حديث ابن مسعود -في سجود السهو-: «.. فليتحرَّ الذي يرى أنه صواب ثم يُسلِّمْ ثم يسجد سجدتي السهو» (٢).

وفيهما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتسليم من كل صلاة حتى التي يسهو فيها، وهذا الأمر مع ما تقدم يشعر بفرضيَّة التسليم، والله أعلم.

وأما أبو حنيفة فقال: التسليمتان اختيار، وليس السلام من الصلاة فرضًا، بل إذا قعد مقدار التشهد فقد تمت صلاته!! واستُدل له برواية لحديث ابن مسعود في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم له التشهد: «فإذا قلت هذا، فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد» (٣).

وهذه الزيادة مدرجة في الحديث باتفاق الحفاظ، بل الذي صح عن ابن مسعود إيجاب السلام فرضًا بلفظ: «مفتاح الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم [إذا سلم الإمام فقم إن شئت]» (٤).

هل تجزئ تسليمة واحدة؟ أم تسليمتان؟ (٥)

ذهب الشافعية والمالكية وجمهور العلماء إلى أن الركن التسليمة الأولى، أما الثانية فسنَّة، وقال ابن المنذر: وكلُّ من أحفظ عنه من أهل العلم يجيز صلاة من اقتصر على تسليمة، وأُحب أن يسلم تسليمتين. اهـ.

قال النووي: أجمع العلماء الذين يعتدُّ بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة!!

قلت: بل خالف في هذا أحمد بن حنبل -في رواية عنه- فأوجب التسليمتين وهو المذهب عند الحنابلة، وبه قال ابن حزم وأهل الظاهر وبعض المالكية والحسن ابن صالح، واستدلوا بما يلي:


(١) صحيح: يأتي في «سجود السهو».
(٢) صحيح: يأتي في «سجود السهو».
(٣) أخرجه أبو داود (٩٦٨)، وأحمد (١/ ١٢٩)، والدارقطني (١/ ٣٥٣)، وانظر «المحلى» (٣/ ٢٧٨).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه ابن حزم في «المحلى» (٣/ ٢٧٩)، والبيهقي في «الخلافيات» كما في «النيل» (٢/ ٢٥١).
(٥) «الأم» (١/ ١٢١)، و «المجموع» (٣/ ٤٢٥)، و «الدسوقي» (١/ ٢٤١)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٦١)، و «الأوسط» (٣/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>