للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشوكاني، وكأن ابن رشد مال إليه، وقالوا: بل يكفي شهادة الواحد لأنه أحد طرفي شهر رمضان فأشبه الأول.

قلت: وحجة الجماهير حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدثوه أنه قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا» (١).

وهو يدل على عدم جواز شهادة رجل واحد في الصيام والإفطار، فخرج الصيام بدليل حديث ابن عمر المتقدم، وبقي الإفطار حيث لا دليل على جوازه بشهادة واحد، والله أعلم.

من رأى الهلال وحده (٢):

من رأى الهلال وحده فرُدَّ قولُه: فللعلماء في صومه أو فطره برؤيتهُ ثلاثة أقوال:

الأول: أنه يصوم إذا رأى هلال رمضان، ويفطر لهلال شوال سرًّا لئلا يخالف الجماعة وهذا قول الشافعي ورواية عن أحمد ومذهب ابن حزم، لقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٣).

الثاني: يصوم برؤيته، ولا يفطر إلا مع الناس، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والمشهور عن أحمد.

الثالث: لا يعمل برؤيته، فيصوم مع الناس ويفطر معهم، وهو رواية عن أحمد واختاره شيخ الإسلام، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون» (٤) ومعناه أن الصوم والفطر يكون مع الجماعة.

قلت: والأظهر أنه يعمل برؤيته في الصيام والإفطار -سرًّا- إن خالف الناس، ما لم يزد صيامه على ثلاثين يومًا، والله أعلم.

٢ - إكمال عدة شعبان ثلاثين:

لأن الشهر الهلالي لا يقل عن تسعة وعشرين ولا يزيد عن ثلاثين يومًا، فإذا لم يروا الهلال -مع صحو السماء وخلوها من الغيم وأي مانع للرؤية -ليلة


(١) صحيح: أخرجه النسائي (١/ ٣٠٠)، وأحمد (٤/ ٣٢١)، وانظر «الإرواء» (٩٠٩).
(٢) البدائع (٢/ ٨٠)، والمدونة (١/ ١٩٣)، والمبدع (٣/ ١٠)، والمجموع (٦/ ٢٨٠)، والمحلى (٦/ ٣٥٠)، ومجموع الفتاوى (٢٥/ ١١٤).
(٣) سورة البقرة: ١٨٥.
(٤) صححه الألباني: أخرجه أبو داود (٢٣٢٤) وغيره، وانظر «الإرواء» (٩٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>