للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوراة والإنجيل، فقال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} (١).

وفي هذه الخطبة استجلاء لشخصية أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، رضي الله عنه، الذي ربما غابت بعض مواقفه البطولية عن بعض الناس، وربما ترسّخ في أذهان آخرين ما تنسبه إليه بعض الروايات التاريخية الساقطة من التغفيل والجهل بأبسط قواعد السياسة والحكم في قصة التحكيم، وهو العم والفقيه، والقاضي والوالي، والقارئ والكيس الفَطن، ويكفيه فخرًا أن القرآن نزل في الثناء عليه وعلى قومه، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (٢).

أخرج الحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن عياض الأشعري قال: لما نزلت: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم قومك يا أبا موسى وأومأ إليه (٣).

وأثنى النبي صلى الله عليه وسلم ودعا لأبي موسى وعمه أبي عامر الأشعري في قصة تكشف عن شجاعة وصدق أبي موسى وعمه، وطلب عمه من النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفار له وهو في سياقة الموت، وشمول الدعوة لأبي موسى، فقد روى البخاري ومسلم- فى صحيحيهما- عن أبي موسى قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر الأشعري على جيش أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد


(١) سورة الفتح، الآية: ٢٩.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٥٤.
(٣) المستدرك ٢/ ٣١٣، الطبقات لابن سعد ٤/ ١٠٧، سير أعلام النبلاء ٢/ ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>