للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسمعوا. من هذا أنَّ رجلاً جَاءَ إِلَى طَلْحَةَ (١) بْنُ عُبَيْدِ اللهِ فَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتُكَ هَذَا اليَمَانِيَّ - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ - أَهُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ مِنْكُم؟ نَسْمَعُ مِنْهُ أَشْيَاءَ لاَ نَسْمَعُهَا مِنْكُم؟»، قَالَ: «أَمَّا أَنْ يَكُونَ [قَدْ] سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ نَسْمَعْ فَلاَ أَشُكُّ، سَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ: إِنَّا كُنَّا أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَغَنَمٍ وَعَمَلٍ، كُنَّا نَأْتِي رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَرَفَيْ النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِينًا ضَيْفًا عَلَى بَابِ رَسُولِ اللهِ، يَدُهُ مَعَ يَدِهِ، فَلاَ نَشُكُّ أَنَّهُ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَلاَ تَجِدُ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ يَقُولُ عَنْ رَسُولِ اللهِ مَا لَمْ يَقُلْ» (٢) (*).

وَرَوَى أَشْعَثُ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ (الأَنْصَارِي) يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَ: «إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَإِنِّي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي مَا لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ -» (٣).

وكان جريئًا، يسأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أشياء لا يسأله غيره (٤) كما كان يسأل الصحابة الذين سبقوه إلى الإسلام. وكان كثير العلم واسع المعرفة، يحدث إخوانه وطلابه، وقد يقول لهم: «رُبَّ كِيْسٍ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَفْتَحْهُ - يَعْنِي: مِنَ العِلْمِ -» (٥). وكان يقول: «حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ


(١) في " سير أعلام النبلاء " (طُلَيْحَةٌ) والصواب (طَلْحَةٌ) كما في " فتح الباري ": ص ٢٥٥ جـ ١.
(٢) " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٦ جـ ٢، و" البداية والنهاية ": ص ١٠٩ جـ ٨.
(٣) " البداية والنهاية ": ص ١٠٩ جـ ٨، و" سير أعلام النبلاء ": ص ٤٣٦ جـ ٢.
(٤) انظر " سير أعلام النبلاء ": ص ٤٥١ جـ ٢.
(٥) انظر المرجع السابق: ص ٤٣٠ جـ ٢ رواه محمد بن راشد عن مكحول.