للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حولاً (١) إلا الذهب بالفضة أو عروض التجارة؛ لكون الذهب والفضة كالمال الواحد, إذ هما أروش الجنايات, وقيم المتلفات, ويضم أحدهما إلى الآخر في الزكاة, وكذلك إذا اشترى عرضاً للتجارة بنصاب من الأثمان (٢) , أو باع عرضاً بنصاب لم ينقطع الحول؛ لأن الزكاة تجب في قيمة العروض لا في نفسها, والقيمة هي الأثمان (٣) فكانا جنساً واحداً, وإذا قلنا: إن الذهب والفضة لا يضم أحدهما إلى صاحبه لم يُبْنَ حول أحدهما على حول الآخر؛ لأنهما مالان لا يضم أحدهما إلى الآخر؛ فلم يُبنَ حولُه على حولِه: كالجنسين من الماشية (٤) , وأما عروض التجارة؛ فإن حولها يُبنى على حول الأثمان بكل


(١) استأنف حولاً جديداً من أوله.
(٢) الأثمان: الذهب والفضة.
(٣) المغني، ٤/ ١٣٦.
(٤) جاء عن الإمام أحمد روايتان: في الذهب والفضة: إحداهما: أن الذهب والفضة إذا بيع نصاب أحدهما بنصاب من الآخر لا ينقطع الحول, بل يبنى على حول الأول, واختاره الخرقي في مختصره, وصاحب الروض المربع, والرواية الأخرى: أن بيع النصاب من الذهب أو إبداله بنصاب من الفضة أو بالعكس يقطع الحول, ويستأنف حولاً جديداً من أوله؛ لأنهما مالان لا يضم أحدهما إلى الآخر, وهما جنسان في باب الربا, فلم يضم أحدهما إلى الآخر؛ لأن الذهب غير الفضة بنص الحديث: ((الذهب بالذهب, والفضة بالفضة ... فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) [مسلم, برقم ١٥٨٧] , واختار هذه الرواية للإمام أحمد العلامة محمد بن صالح العثيمين في شرح زاد المستقنع، ٦/ ٤٤, وقال الإمام ابن رجب في القواعد في الفقه الإسلامي ص ٣١٤: ((لو أبدل نصاباً من أموال الزكاة بنصاب من جنسه بنى على حول الأول على المذهب ولو أبدله بغير جنسه استأنف إلا في إبدال أحد النقدين بالآخر؛ فإن فيه روايتين, وخرَّج أبو الخطاب في انتصاره رواية بالبناء في الإبدال من غير الجنس مطلقاً)) فظهر مما تقدم أن النصاب الزكوي إذا أُبدل بنصاب زكوي آخر أو بيع بنصاب آخر يكون على النحو الآتي:
١ - إذا بيع النصاب أو أبدل بنصاب أو أكثر من جنسه بُني على حول النصاب الأول, فيزكي إذا تم حول الأول, وبهذا قال الإمام مالك, والإمام أحمد ووافقهما أبو حنيفة في الأثمان, أما عروض التجارة, فإن حولها لا ينقطع بحال.
٢ - إذا بيع النصاب أو أبدل بنصاب أو أكثر من غير جنسه انقطع الحول واستأنف حولاً جديداً إلا الذهب والفضة أو بالعكس في رواية للإمام أحمد اختارها في المقنع وزاد المستقنع؛ لأن الذهب والفضة كالمال الواحد. وفي رواية للإمام أحمد: لا يضم الذهب إلى الفضة؛ لأنهما جنسان في باب الربا, فعلى هذا ينقطع الحول, ويستأنف حولاً جديداً. واختار هذه الرواية العلامة ابن عثيمين.
٣ - أما الإمام الشافعي رحمه الله فقال: لا يبنى حول نصاب على حول غيره بحال, ووافقه أبو حنيفة إلا في الأثمان, كما تقدم فإنه وافق الإمام مالك وأحمد.
٤ - وفي رواية لأحمد أنه إذا باع نصاباً بنصاب بنى على حول الأول مطلقاً, سواء كان بجنسه أو بغير جنسه, واختار هذا العلامة السعدي رحمه الله. انظر: المغني لابن قدامة, ٤/ ١٣٥ - ١٣٦, والشرح الكبير، ٦/ ٣٦١, والقواعد، لابن رجب، ص ٣١٥.

<<  <   >  >>