للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} أي: يكفيكم ما أبقى الله لكم من الخير، وما هو لكم فلا تطمعوا في أمر لكم عنه غُنْيَة، وهو ضار لكم جدًا.

{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فاعملوا بمقتضى الإيمان، {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} أي: لست بحافظ لأعمالكم، ووكيل عليها، وإنما الذي يحفظها الله تعالى، وأما أنا، فأبلغكم ما أرْسِلْتُ به.

{قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} أي: قالوا ذلك على وجه التَهَكّم بنبيهم، والاستبعاد لإجابتهم له. ومعنى كلامهم: أنه لا موجب لنَهْيِك لنا، إلا أنك تصلي لله، وتتعبد له، أفإن كنت كذلك، أفيوجب لنا أن نترك ما يعبد آباؤنا، لقول ليس عليه دليل إلا أنه موافق لك، فكيف نتبعك، ونترك آباءنا الأقدمين أولي العقول والألباب؟!

{أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} وكذلك لا يوجب قولك لنا: ما قلت لنا، من وفاء الكيل، والميزان، وأداء الحقوق الواجبة فيها، بل لا نزال نفعل فيها ما شئنا، لأنها أموالنا، فليس لك فيها تصرف.

ولهذا قالوا في تهكمهم: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} أي: أئنك أنت الذي، الحلمُ والوقارُ لك خُلُق، والرشدُ لك سجية، فلا يصدر عنك إلا رُشْد، ولا تأمر إلا برشد، ولا تنهى إلا عن غيٍّ، أي: ليس الأمر كذلك. وقصدهم أنه موصوف بعكس هذين الوصفين: بالسفه والغواية، أي: أن المعنى: كيف تكون أنت الحليم الرشيد، وآباؤنا هم السفهاء الغاوون؟!!

وهذا القول الذي أخرجوه بصيغة التهكم، وأن الأمر بعكسه، ليس كما ظنوه، بل الأمر كما قالوه: إن صلاته تأمره أن ينهاهم، عما كان يعبد آباؤهم الضالون، وأن يفعلوا في أموالهم ما يشاءون، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأي فحشاء ومنكر، أكبر من عبادة غير الله، ومِن مَنْع حقوق عباد الله، أو سرقتها بالمكاييل

<<  <  ج: ص:  >  >>