للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((ما تحاب الرجلان إلا كان أفضلهما أشدهما حبا بصاحبه)) (١).

بل إنه ليذهب إلى أبعد من ذلك في إشاعة المحبة في المجتمع المسلم الراشد، فيطلب من المسلم إذا أحب أخاه أن يخبره بأنه يحبه، وفي ذلك يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:

((إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه)) (٢).

لقد كان الرسول الكريم صلوات الله عليه يدرك ما لهذا الحب النقي القوي من أثر في بناء المجتمعات والأمم، فكان لا يدع مناسبة تمر إلا ويدعو المسلمين إلى التحابب، ويأمرهم أن يعلنوا عن هذا التحابب، لتنفتح مغاليق القلوب، وتشيع المودة والصفاء بين الصفوف.

فعن أنس رضي الله عنه أن رجلا كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمر به رجل، فقال: يا رسول الله، إني لأحب هذا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أأعلمته؟! قال: لا، قال: أعلمه) فلحقه فقال: إني لأحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني له)) (٣).

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك بنفسه، معلما المسلمين كيف يبنون مجتمع المحبة والتواد والتآخي، وذلك حينما أخذ بيد معاذ وقال: ((يا معاذ، والله إني لأحبك، ثم أوصيك يا معاذ: لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) (٤).

وقد انطلق معاذ ينشر شذى هذا الحب الطاهر بين المسلمين في ديار


(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(٢) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح.
(٣) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
(٤) رواه أحمد بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>