للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما يجب عليه أن يكون قدوة في نفسه يجب عليه أن يقوِّم أهل بيته وأسرته، ويلزمهم بما يأمر به الناس، ويدعوهم إليه؛ ولهذه الأهمية كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إذا صعد المنبر فنهى الناس عن شيء، جمع أهله فقال: ((إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، وأقسم بالله لا أجد أحداً منكم فعله إلا أضعفت عليه العقوبة)) (١).

ولقد تنبه لخطورة هذا الأمر الفقيه أبو المنصور الدمياطي فأخذ يحذر القدوات قائلاً:

أيها العالِم إياك الزلل ... واحذرِ الهفوةَ، فالخطبُ جلَلْ

هفوة العالِم مستعظمة ... إن هفا أصبح في الخلق مَثَلْ

وعلى زلَته عمدتهم ... فبها يحتجّ من أخطأ وزَلّْ

لا تقلْ يستر علمي زلَّتي ... بلْ بها يحصل في العلم الخلَلْ

إن تكن عندك مستحقرةً ... فهي عند الله والناس جَبَلْ

فإذا الشمس بدت كاسفةً ... وجلُ الخلقُ لها كل الوَجَلْ

وترامت نحوها أبصارُهم ... في انزعاجٍ واضطرابٍ وزجَلْ

وسرى النقص لهم من نقصها ... فغدت مُظلمةً منها السُّبُلْ

وكذا العالِم في زلَّته ... يفتن العالم طُرّاً ويضِلّْ

يُقتدى منه بما فيه هفا ... لا بما استعصم فيه واستَقَلّْ

فهو ملحُ الأرض ما يصلحه ... إن بدا فيه فسادٌ وخَلَلْ (٢)


(١) تاريخ الأمم والملوك للطبري، ٢/ ٦٨، والكامل في التاريخ لابن الأثير، ٣/ ٣١.
(٢) المدخل، لابن الحاج، ١/ ١٠٧، ١٠٨، وانظر: المصفّى من صفات الدعاة لعبد الحميد البلالي، ١/ ٢١.

<<  <   >  >>