للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قضية تحريم مكة: كانت مكة محرمة منذ خلق الله السموات والأرض. ولكن قال بعض المفسرين:"كان الحرم المحيط بمكة حلالاً. قبل دعوة إبراهيم عليه السلام كسائر البلاد. وإنما صار حرماً بتحريم إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ} كما كانت مدينة الرسول حلالاً قبل تحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتحريم المدينة إنما كان قبل توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بدر فقد صلى عند بيوت السقيا ودعا يومئذ لأهل المدينة فقال:"اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك دعاك لأهل مكة وإني محمد عبدك ونبيك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم. اللهم حبب إلينا المدينة واجعل ما بها من الوباء بُخمْ. اللهم إني حرمت ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم خليلك مكة " [٢٣] .

قال ابن جرير الطبري:"الصواب أن الله تعالى ذكره. جعل مكة حراماً حين خلقها وأنشأها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته عند فتح مكة كما سوف نفصله إن شاء الله. وأن مكة حرمها الله يوم خلق السموات والأرض بغير تحريم منه لها على لسان أحد من أنبيائه ورسله.. فلم تزل كذلك أمرها حتى بوأها الله إبراهيم خليله. وأسكن بها أهله وولده إسماعيل. فسأل حينئذ إبراهيم الله إيجاب فرض تحريمها على عباده على لسانه أو لأن إبراهيم علم تحريمها [٢٤] وقد أورد ابن كثير قولاً في هذا الاتجاه أن أبا شريح الخزاعي قال:"قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، سمعته أذناي ووعاه قلبي حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه وقال: إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ... " [٢٥] .