للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَمْسَة أجبل من: لبنان وطور زيتاً وطور سيناء والجودي وحراء حَتَّى اسْتَوَى على وَجه الأَرْض. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَكَانَ أول من أسس الْبَيْت وَصلى فِيهِ وَطَاف بِهِ أَدَم عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى بعث الله الطوفان، وَكَانَ غَضبا ورجساً فَحَيْثُ مَا انْتهى الطوفان ذهب ريح آدم، وَلم يقرب الطوفان أَرض السَّنَد والهند. قَالَ: فدرس مَوضِع الْبَيْت فِي الطوفان حَتَّى بعث الله تَعَالَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل فرفعا قَوَاعِده وأعلامه، وبنته قُرَيْش بعد ذَلِك. ويروى أَنه لما هَبَط إِلَى الأَرْض بِأَرْض الْهِنْد وَاشْتَدَّ بكاؤه وحزنه وَتَابَ الله عَلَيْهِ أَمر بالسير إِلَى مَكَّة حَتَّى انْتهى إِلَيْهَا، فَعَزاهُ الله بخيمة من خيام الْجنَّة ووضعها لَهُ مَوضِع الْكَعْبَة، وَتلك الْخَيْمَة ياقوتة حَمْرَاء من يَوَاقِيت الْجنَّة، فِيهَا ثَلَاث قناديل من ذهب من تبر الْجنَّة، فِيهَا نور يلتهب من نور الْجنَّة، وَنزل مَعَه الرُّكْن ياقوتة بَيْضَاء من ربض الْجنَّة وَكَانَ كرسياً لآدَم عَلَيْهِ السَّلَام يجلس عَلَيْهِ، فَلَمَّا صَار آدم بِمَكَّة حرسه الله وحرس لَهُ تِلْكَ الْخَيْمَة بِالْمَلَائِكَةِ، كَانُوا يحرسونها ويذودون عَنْهَا سَاكِني الأَرْض، وسكانها يَوْمئِذٍ الْجِنّ وَالشَّيَاطِين، وَلَا يَنْبَغِي لَهُم أَن ينْظرُوا إِلَى شَيْء من الْجنَّة؛ لِأَنَّهُ من نظر إِلَى شَيْء من الْجنَّة وَجَبت لَهُ، وَالْأَرْض يَوْمئِذٍ طَاهِرَة نقية لم تنجس وَلم تسفك فِيهَا الدِّمَاء وَلم يعْمل فِيهَا الْخَطَايَا، فَلذَلِك جعلهَا الله مسكن الْمَلَائِكَة وجعلهم فِيهَا كَمَا كَانُوا فِي السَّمَاء يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون، وَكَانَ وقوفهم فِي أَعْلَام الْحرم صفا وَاحِدًا مستديرين بِالْحرم كُله، الْحل من خَلفهم وَالْحرم كُله من أمامهم فَلَا يجوز بهم جني وَلَا شَيْطَان، فَمن أجل مقَام الْمَلَائِكَة حرم الْحرم حَتَّى الْيَوْم وَوضعت أَعْلَامه حَيْثُ كَانَ مقَام الْمَلَائِكَة، وَحرم الله على حَوَّاء دُخُول الْحرم وَالنَّظَر إِلَى خيمة آدم من أجل خطيئتها فَلم تنظر إِلَيْهَا حَتَّى قبضت، وَكَانَ آدم إِذا أَرَادَ أَن يلم بَقَاء للْوَلَد خرج من الْحرم كُله حَتَّى يلقاها، فَلم تزل خيمة آدم مَكَانهَا حَتَّى قَبضه الله ورفعها، وَبنى بَنو آدم من بعْدهَا مَكَانهَا بَيْتا بالطين وَالْحِجَارَة فَلم يزل معموراً يعمرونه وَمن بعدهمْ حَتَّى كَانَ زمن نوح فنسفه الْغَرق وخفى مَكَانَهُ، فَلَمَّا بعث الله إِبْرَاهِيم طلب الأساس فَلَمَّا وصل

<<  <   >  >>