للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعدادها:

تكفي كفارة واحدة عن مفسدات للصوم متعددة في أيام كثيرة بشرط أن لا يتخلل هذه المفسدات (أكل، جماع) تكفير، لأن الكفارة للزجر وبواحدة يحصل، ولو كانت الأيام من رمضانَيين على الصحيح لوقوع التداخل. فإن تخلل بين الإفطارين تكفير وجب إعادة الكفارة لإعادة الجرم.

متى يسقط وجوب الكفارة:

-١ - إذا طرأ حيض أو نفاس أو مرض يبيح للفطر في يوم الإفساد الموجب للكفارة، لأنها تجب في صوم مستحق وهو لا يتجزأ ثبوتاً وسقوطاً فتمكنت الشبهة في عدم استحقاقه من أوله بطروء العذر في آخره.

-٢ - إذا سافر ثم أفطر، أما إذا سافر مختاراً أو مكرهاً بعد لزومها عليه فلا تسقط، لأن ذلك من صنع العباد.

ثانياً - حالة الإفطار المحرم الموجب للقضاء فقط:

-١ - إذا فعل ما ليس فيه كمال شهوة الفرج.

أ - إن جامع فيما دون السبيلين أو بهيمة.

ب - إن قبل أو لمس فأنزل.

جـ - الاستمناء بالكفّ أو غيره، أو الفطر بالجماع في غير رمضان.

فهذه الأفعال كلها مفطرة لكن لا توجب الكفارة لعدم تمام الجناية.

-٢ - إن أقطر في أذنه، أو استعط أي أقطر في أنفه. أما إن دخل الماء في أذنيه بلا صنعة فلا يفطر.

-٣ - إن استقاء متعمداً، وشرط أبو يوسف أن يكون ملء الفم لأن ما دونه كالعدم حكماً، أو ابتلع عمداً ما ذرعه من القيء وكان ملء الفم، وفي الأقل منه روايتان في الفطر وعدمه.

-٤ - إن داوى جائفة، وهي الجراحة في البطن، أو آمة، وهي الجراحة بالرأس، بدواء ووصل إلى جوفه أو دماغه.

-٥ - إن أكل ما ليس فيه غذاء، كأن بلع تراباً أو حصواً أو ما لا يؤكل بدون طبخ.

-٦ - إن أفطر عمداً بعد أكله ناسياً وجب عليه القضاء دون الكفارة لوجود الشبهة، وفي رواية تجب الكفارة.

-٧ - إن أفطر مكرهاً ولو بالجماع.

-٨ - إدخال شيء في القُبُل أو الدُبُر ولو كانت الإصبع مبللة أو خرقة، أو قطنة، وكذا الحُقْنَة في الدبر، أو القبل عند أبي يوسف إذا وصل الماء أو الدهن إلى المثانة.

-٩ - إن أتى بالمفطرات عمداً بعد ما نوى الصيام نهاراً ولم يكن مبيتاً نيته، وجب عليه القضاء دون الكفارة لشبهة عدم صومه عند السادة الشافعية.

-١٠ - إن سافر في نهار رمضان بعد ما أصبح مقيماً ناوياً من الليل، فأكل في حالة السفر وجامع عمداً، وجب عليه القضاء دون الكفارة لشبهة السفر وإن لم يحل له الفطر.

-١١ - إن أدخل الدخان عمداً إلى جوفه أو دماغه، سواء أكان دخان عنبر أو عود أو غيرهما، حتى لو استنشق بخوراً أفطر.

ثالثاً - حالة الإفطار الجائز الموجب للقضاء فقط:

-١ - المرض:

أ - إن خاف المكلف زيادة مرضه أو بطء الشفاء جاز له الفطر وعليه القضاء من أيام آخر، لقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعِدّة من أيام أُخر} (١) .

ب - إن خاف على نفسه الهلاك أو ذهاب منفعة عضو وجب عليه الفطر.

-٢ - السفر:

يجوز للمسافر في رمضان قبل الفجر أن يفطر، وعليه القضاء فيما بعد، أما إن أنشأ السفر بعد الفجر فلا يحل له الفطر بعد ما أصبح صائماً.

وأدلة جواز الفطر في السفر قوله تعالى: {فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر} (١) . وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر) (٢) . ولكن الصوم في السفر أفضل من الفطر إن لم يضره، بدليل قوله تعالى: {وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون} (٣) ، وما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحار، الشديد الحر وإن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحَّر، وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن رواحة) (٤) .

هذا إذا لم يكن عامة رفقته مفطرين، وإلا فالأفضل الفطر موافقة للجماعة.

وإذا كان مسافراً فأقام أثناء النهار، وكان أكل أو شرب، فيستحب له الإمساك بقية يومه، أما إذا وصل قبل الزوال، ولم يفسد صومه، فينوي الصوم ويتابع يومه صائماً.

-٣ - الغزو: إذا كان المكلف يعلم يقيناً أو بغلبة الظن وقوع القتال، ويخاف الضعف عنه إن صام، جاز له الفطر قبل الحرب.

-٤ - الحامل والمرضع: إن خافتا على نفسيهما أو ولديهما بإخبار طبيب حاذق مسلم عدل، أو بتجربة سابقة، جاز لهما الفطر، ووجب في حقهما القضاء فقط. لما روي عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل وضع للمسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحُبلى والمُرضع) (٥) .

-٥ - صاحب العمل الشاق: إن أجهده العطش الشديد أو الجوع المفرط، وخاف الهلاك جاز له الفطر. لكن لا يفطر حتى يجهده الصوم.

ومن مات قبل زوال عذره بمرض أو سفر ونحوه من الأعذار المبيحة للفطر سقط عنه القضاء، ولا يجب عليه الإيصاء بفدية لفوات إدراكه عدة من أيام أخر، وإن أدرك العدة قضى ما قدر على قضائه، وإن لم يقض وجب الإيصاء بقدر الإقامة من السفر والصحة من المرض وزوال العذر اتفاقاً؛ فلو فاته عشرة أيام فقدر على خمسة أدى فديتها فقط، وتخرج الفدية من الثلث لأنها تابعة للوصية.


(١) البقرة: ١٨٤.
(٢) البقرة: ١٨٤.
(٣) ابن ماجه: ج ١ / كتاب الصيام باب ١٠/١٦٦١.
(٤) ابن ماجه ج ١ / كتاب الصيام باب ١٠/١٦٦٣.
(٥) النسائي: ج ٤ / ص ١٩٠.

<<  <   >  >>