للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِصْهُ لِلرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا ذِكْرٌ لَا تُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ، وَقَدْ أَتَى بِهِ فَأَجْزَأْهُ، كَمَا لَوْ قَالَ ذَاهِلًا وَقَلْبُهُ غَيْرُ حَاضِرٍ. وَقَوْلُ أَحْمَدَ يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، لَا عَلَى نَفْيِ الْإِجْزَاءِ حَقِيقَةً.

[فَصْلٌ إذَا أَتَى بِقَدْرِ الْإِجْزَاءِ مِنْ الرُّكُوعِ فَاعْتَرَضَتْهُ عِلَّةٌ مَنَعَتْهُ مِنْ الْقِيَامِ]

(٧١٣) فَصْلٌ: إذَا أَتَى بِقَدْرِ الْإِجْزَاءِ مِنْ الرُّكُوعِ، فَاعْتَرَضَتْهُ عِلَّةٌ مَنَعَتْهُ مِنْ الْقِيَامِ، سَقَطَ عَنْهُ الرَّفْعُ؛ لِتَعَذُّرِهِ، وَيَسْجُدُ عَنْ الرُّكُوعِ. فَإِنْ زَالَتْ الْعِلَّةُ قَبْلَ سُجُودِهِ فَعَلَيْهِ الْقِيَامُ لِإِمْكَانِهِ. فَإِنْ زَالَتْ بَعْدَ سُجُودِهِ إلَى الْأَرْضِ، سَقَطَ الْقِيَامُ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ قَدْ صَحَّ وَأَجْزَأَ، فَسَقَطَ مَا قَبْلَهُ. فَإِنْ قَامَ مِنْ سُجُودِهِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَإِنْ فَعَلَهُ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا، لَمْ تَبْطُلْ، وَيَعُودُ إلَى جَلْسَةِ الْفَصْلِ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ.

[فَصْلٌ أَرَادَ الرُّكُوعَ فَوَقَعَ إلَى الْأَرْضِ]

فَصْلٌ: فَإِنْ أَرَادَ الرُّكُوعَ، فَوَقَعَ إلَى الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ يَقُومُ فَيَرْكَعُ. وَكَذَلِكَ إنْ رَكَعَ وَسَقَطَ قَبْلَ طُمَأْنِينَتِهِ، لَزِمَتْهُ إعَادَةُ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُسْقِطُ فَرْضَهُ. وَإِنْ رَكَعَ وَاطْمَأَنَّ، ثُمَّ سَقَطَ، فَإِنَّهُ يَقُومُ مُنْتَصِبًا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الرُّكُوعِ، لِأَنَّ فَرْضَهُ قَدْ سَقَطَ، وَالِاعْتِدَالَ عَنْهُ قَدْ سَقَطَ بِقِيَامِهِ.

[فَصْلٌ إذَا رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُسَبِّحْ فِي رُكُوعِهِ]

(٧١٥) فَصْلٌ: إذَا رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُسَبِّحْ فِي رُكُوعِهِ، لَمْ يَعُدْ إلَى الرُّكُوعِ، سَوَاءٌ ذَكَرَهُ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ قَائِمًا أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ قَدْ سَقَطَ بِرَفْعِهِ، وَالرُّكُوعَ قَدْ وَقَعَ صَحِيحًا مُجْزِئًا، فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ، زَادَ رُكُوعًا فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ، فَإِنْ فَعَلَهُ عَمْدًا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ، كَمَا لَوْ زَادَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ فَعَلَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، لَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ، كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يَرْكَعْ. وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. فَإِنْ أَدْرَكَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي هَذَا الرُّكُوعِ، لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ فِي حَقِّهِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُدْرِكْهُ رَاكِعًا.

[مَسْأَلَة يُكَبِّرُ لِلسُّجُودِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ]

(٧١٦) مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلسُّجُودِ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ) أَمَّا السُّجُودُ فَوَاجِبٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الرُّكُوعِ، وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ رُكْنٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ: «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا» . وَالْخِلَافُ فِيهِ كَالْخِلَافِ فِي طُمَأْنِينَةِ الرُّكُوعِ، وَيَنْحَطُّ إلَى السُّجُودِ مُكَبِّرًا؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّ الْهَوِيَّ إلَى السُّجُودِ رُكْنٌ، فَلَا يَخْلُو مِنْ ذِكْرٍ، كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ، وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ تَكْبِيرِهِ مَعَ ابْتِدَاءِ انْحِطَاطِهِ، وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ؛ وَالْكَلَامُ فِي التَّكْبِيرِ وَوُجُوبِهِ قَدْ مَضَى. وَلَا يُسْتَحَبُّ رَفْعُ يَدَيْهِ، فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ. وَسُئِلَ عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ وَقَالَ: فِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي حُمَيْدٍ أَحَادِيثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>