للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال صلى الله عليه وسلم: "لا إله إلا الله سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها" ١, وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة" , قال الحكيم الترمذي: "إنما صار أجله هناك لأنه خلق من تلك البقعة وقد قال الله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} ٢ قال: فإنما يعاد المرء من حيث بدئ به"٣.

وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وفي ذلك دلالة على أن ترتبها أفضل من غيرها.

٤- يقول النبي صلى الله عليه وسلم داعيًا للمدينة: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد" ٤, وقد استجاب الله دعوته، حتى كان يحرك دابته إذا رأى المدينة, وهو عائد إليها ليسرع إليها من حبه لها، وفي حب النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة أكثر من حبه مكة دليل على أفضليتها عند الله تعالى؛ لأن حبه صلى الله عليه وسلم تابع لحب ربه والمحبوب إلى الله ورسوله أكثر من غيره كيف لا يكون أفضل؟! إنه الأفضل.

٥- بيان حقيقة أن ما بين بيته وقبره صلى الله عليه وسلم روضة من رياض الجنة، دليل على فضل المدينة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي" ٥؛ لأن رياض الجنة يفضل أرض الدنيا كلها.

٦- تفضيل المدينة يكون بسبب مجاورة ساكنيها والمقيمين بها لقبره صلى الله عليه وسلم؛ لأن مجاورة أهل الخير خير، ولذلك كان جزاء الصالحين في الآخرة إلحاقهم بالصالحين، وقد حرمت الشريعة الإسلامية مس المحدث لجلد المصحف لمجاورة الجلد للمصحف نفسه، مع أنه ليس منه، وذلك لأن القبر الشريف ينزل عليه من الرحمة، والرضوان والملائكة وله عند الله من المحبة، ولساكنه ما تقصر العقول عن إدراكه، فكيف لا يكون أفضل الأماكن؟!!


١ سبل الهدى والرشاد ج٣ ص٤٣٥.
٢ سورة طه: ٥٥.
٣ الدرر في اختصار المغازي والسير ص٨٠.
٤ صحيح البخاري كتاب الحج ج٣ ص٢٨٥ ط الأوقاف.
٥ صحيح البخاري كتاب الحج ج٣ ص٢٨٤.

<<  <   >  >>