للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

وفي هجعة من الليل خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد أخذ الله على أبصارهم فلم يبصروا به، وكان أخذ كفا من تراب، فصار ينثر منها على رؤوسهم زيادة في النكاية بهم «١» ، وهو يتلو قول الله تبارك وتعالى:

يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (٩) » .

ثم انصرف رسول الله لشأنه، وبقي المشركون ينتظرون النائم حتى يخرج، فيفعلوا به ما اتفقوا عليه.

ذهاب الرسول إلى بيت الصدّيق

وذهب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من فوره إلى بيت الصدّيق «٣» - رضي الله عنه-


(١) قيل: الحكمة في وضع التراب دون غيره الإشارة إلى أنهم الأذلون الأصغرون، وأن مصيرهم إلى الذل والرغام.
(٢) الايات ١- ٩ من سورة يس.
(٣) هذا الذهاب خلاف الذهاب الأول في نحر الظهيرة، فالأول كان لإخبار الصديق بالإذن للهجرة، والثاني كان ليلا بعد ما أفلت من المشركين للخروج إلى الغار، وقد تحيّر بعض كتاب السيرة وشرّاحها في هذا، فخروج الرسول من بيته كان ليلا، ووصوله إلى بيت الصديق كان في الظهيرة كما ثبت في الصحيح وغيره، فأين كان النبي في هذه الساعات الطوال؟! وهذا الذي ذهبت إليه هو الذي ينبغي أن يصار إليه، وقد جوّز بعضهم أن النبي مكث في بيت الصديق حتى كانت الليلة المقبلة، فخرجا ليلا وهو بعيد، والبعض جوز أنه خرج إلى الغار، ثم عاد إلى بيت أبي بكر في الظهيرة، ثم عادا إلى الغار معا، وهو أشد بعدا من الأول، والحق ما هداني الله إليه، وهو الذي يتفق ومنطق العقل وتسلسل الحوادث.

<<  <  ج: ص:  >  >>