للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحاصره المسلمون، وأرسل المهاجر في الوقت نفسه قوة عسكرية طهرت المنطقة حتى الساحل، أما عكرمة فقد تمركز في مأرب وفقًا لاتفاق القادة١.

ويبدو أن المتحصنين في النجير أزعجهم توغل المسلمين في بلادهم، كما خشوا من عواقب إطالة الحصار، لذلك قرروا الخروج، والتصدي للمحاصرين، وهكذا حديث الصدام الذي أسفر عن انتصار المسلمين، وأسقط في يد الأشعث الذي اتصف بالتقلبات السياسية، فهو مع الجانب القوي دائمًا ليحافظ على حياته ونفوذه، فبدا له أن يسلم الحصن للمسلمين وينجو بنفسه. فذهب إلى عكرمة ليستأنس له من المهاجر على نفسه، وعلى تسعة من أتباعه، فطلب منه عكرمة أن يدون أسماءهم، فدونها، ونسى أن يدون اسمه معهم، وعندما دخل المهاجر إلى الحصن أطلق سراح التسعة، ولما لم يكن اسم الأشعث من بينهم قبض عليه، وأرسله إلى المدينة، وجرى حوار بينه وبين الخليفة، هو أقرب إلى المعاتبة، والتهديد بالقتل من جانب الخليفة، وانتهى بالعفو عن الأشعث بعد أن عاد إلى الإسلام، وأقام المهاجر وعكرمة في حضرموت، وكندة حتى استتبت الأمور تمامًا للمسلمين وتحقق الأمن، فكان ذلك آخر حروب الردة٢.

نتائج حروب الردة ٣:

انتهت حروب الردة في الجزيرة العربية، وقد شكلت حدثًا ترك آثارًا على أوضاع العرب المسلمين بعامة لعل أهمها:

- شملت حروب الردة كافة أنحاء الجزيرة العربية كرقعة جغرافية، وأصابت كل شخص في المجتمع العربي حيث كان، إما مرتدًا أو ثابتًا على الإسلام، فهي إذن حروب أهلية من الصعوبة أن تمحى آثارها من ذاكرة العربي في مجتمع يقوم على الثأر، وبخاصة أن العرب كانوا حديثي عهد بالإسلام، إذ إن القتل أصاب مختلف القبائل التي ارتدت، فكان من الضروري فتح جبهات جديدة تحول اهتمام الناس عن الشأن الداخلي، فكانت الفتوح خارج نطاق الجزيرة العربية، مع الملاحظة بأن العامل الديني كان السبب الأبرز، والدافع الأول الذي دفع الجيوش العربية الإسلامية إلى الفتوح.

- كانت الوحدة السياسية بعد الوحدة الدينية ضرورية لدفع العرب إلى جزيرتهم


١ الطبري: ج٣ ص٣٣٥.
٢ المصدر نفسه: ص٣٣٥- ٣٣٩.
٣ انظر: كمال، أحمد عادل: الطريق إلى المدائن ص١٨١- ١٨٥.

<<  <   >  >>