للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فانتشرت أحكامه وفتاويه ولكن قاتل الله الشيعة، فإنهم أفسدوا كثيرا من علمه بالكذب عليه, ولهذا تجد أصحاب الحديث من أهل الصحيح لا يعتمدون من حديثه وفتواه إلا ما كان من طريق أهل بيته, وأصحاب عبد الله بن مسعود "كعبيدة" السلماني، وشريح، وأبي وائل ونحوهم، وكان رضي الله عنه وكرم وجهه يشكو عدم حملة العلم الذي أودعه كما قال: "إن هاهنا علما لو أصبت له حملة"١, فمن ثم اختلفت أنظار العلماء وأقوالهم في بعض الأشخاص تبعا لهذه الاعتبارات, فلعل مسروقا لقرب عهده من الصحابة اطلع على قدر كبير من علمهما وفتاويهما, فصدر منه هذا الحكم، بينما ابن حزم لتأخر زمنه لم يطلع إلا على القليل من فتاويهما فحكم عليهما بالقلة، فكن على بينة من هذا ولا يشكلن عليك مثل هذا.

"العبادلة الأربعة":

سئل الإمام أحمد بن حنبل, فقيل له: من العبادلة؟ قال: "عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص", فقيل له: فأين ابن مسعود؟ فقال: "ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة", وعلل لذلك الإمام البيهقي فقال: "لأن ابن مسعود تقدم موته وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة أو فعلهم".

وهذا هو الصحيح المشهور بين علماء الحديث والفقه، وقيل: هم ثلاثة بإسقاط ابن الزبير منهم, وعليه اقتصر الجوهري في الصحاح, وأما ما حكاه الإمام النووي في "تهذيبه" عنه: أنه ذكر ابن مسعود، وأسقط ابن العاص فوهم، وذكر الرافعي في "الديات" والزمخشري في "المفصل" أن العبادلة هم: ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس, وقد غلطا في ذلك من حيث الاصطلاح.


١ إعلام الموقعين ج١ ص١٦.

<<  <   >  >>