للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالمغازي فقال: شهدت القوم وإنه أعلم بها مني. وقال الزهري: العلماء أربعة: ابن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام. ويقال إنه أدرك خمسمائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وحكى الشعبي قال: أنفذني عبد الملك بن مروان إلى ملك الروم، فلما وصلت إليه جعل لا يسألني عن شيء إلا أجبته، وكانت الرسل لا تطيل الإقامة عنده، فحبسني أياماً كثيرة حتى استحثثت خروجي، فلما أردت الانصراف قال لي: من أهل بيت المملكة أنت فقلت: لا، ولكني رجل من العرب في الجملة، فهمس بشيء، فدفعت إلي رقعة وقال لي: إذا أديت الرسائل إلى صاحبك فأوصل إليه هذه الرقعة، قال: فأديت الرسائل عند وصولي إلى عبد الملك وأنسيت الرقعة،، فلما صرت في بعض الدار أريد الخروج تذكرتها، فرجعت فأوصلتها إليه، فلما قرأها قال لي: أقال لك شيئاً قبل أن يدفعها إليك قلت: نعم، قال لي: من أهل بيت المملكة أنت قلت: لا، ولكني من العرب في الجملة. ثم خرجت من عنده، فلما بلغت الباب رُددت (١) ، فلما مثلت بين يديه قال لي: أتدري ما في الرقعة قلت: لا، قال: اقرأها، فقرأتها فإذا فيها " عجبت من قوم فيهم مثل هذا كيف ملكوا غيره "، فقلت له: والله لو علمت (٢) ما حملتها، وإنما قال هذا لأنه لم يرك، قال: أفتدري لم كتبها قلت: لا، قال: حسدني عليك، وأراد أن يغريني بقتلك، قال: فتأدى ذلك إلى ملك الروم فقال: ما أردت إلا ما قال.

[ولما حمل الشعبي إلى عبد الملك ونادمه قال له: يا شعبي، لا تساعدني على قبح ولا ترد علي الخطأ في مجلسي ولا تكلفني جواب التشميت ولا جواب السؤال والتعزية، ودع عنك كيف أصبح الأمير وكيف أمسى، واجعل بدل التعريض لي صواب الاستماع مني، واعلم أن صواب الاستماع أولى من صواب القول، وإذا سمعتني أتحدث فلا يفتك منه شيء، وارعني فهمك وسمعك، ولا تجهد نفسك في تطرية سواي، ولا تستدع بذلك الزيادة من كلامي، فإن


(١) ر: ردني.
(٢) ص: علمت ما فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>