للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه جلس للبول فخرج من إحليله نار وارتفعت في السماء وسدت الأفاق وأضاءت الأرض ووقعت بناحية المشرق، فقص رؤياه على عيسى بن معقل فقال له: ما أشك أن في بطنها غلاماً، ثم فارقه ومضى إلى أذربيجان ومات بها.

ووضعت الجارية أبا مسلم، ونشأ عند عيسى، فلما ترعرع اختلف مع ولده إلى المكتب، فخرج أديباً لبيباً يشار إليه في صغره. ثم إنه اجتمع على عيسى بن معقل وأخيه إدريس جد أبي دلف العجلي بقايا من الخراج تقاعدا من أجلها عن حضور مؤدى الخراج بأصبهان، فأنهى عامل أصبهان خبرهما إلى خالد بن عبد الله القسري والي العراقين، فأنفذ خالد من الكوفة (١) من حملهما إليه بعد قبضه عليهما، فتركهما خالد في السجن، فصادفا فيه عاصم بن يونس العجلي محبوساً بسبب من أسباب الفساد، وقد كان عيسى بن معقل قبل أن يقبض عليه أنفذ أبا مسلم إلى قرية من رستاق فاتق لاحتمال غلتها، فلما اتصل به خبر عيسى بن معقل باع ما كان احتمله من الغلة وأخذ ما كان اجتمع عنده من ثمنها ولحق بعيسى بن معقل، فأنزله عيسى بداره في بني عجل، وكان يختلف إلى السجن ويتعهد عيسى وإدريس ابني معقل.

وكان قد قدم الكوفة جماعة من نقباء الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - مع عدة من الشيعة الخرسانية، فدخلوا على العجليين السجن مسلمين، فصادفوا أبا مسلم عندهم، فأعجبهم عقله ومعرفته وكلامه وأدبه، ومال هو إليهم ثم عرف أمرهم وأنهم دعاة، واتفق مع ذلك هرب عيسى وإدريس من السجن، فعدل أبو مسلم من دور بني عجل إلى هؤلاء النقباء، ثم خرج معهم إلى مكة، حرسها الله تعالى، فأورد النقباء على إبراهيم بن محمد الإمام - المذكور في ترجمة أبيه محمد بن علي وقد تولى الإمامة بعد وفاة أبيه - عشرين ألف دينار ومائتي ألف درهم، وأهدوا إليه أبا مسلم، فأعجب به وبمنطقه وعقله وأدبه، وقال لهم: هذا عضلة من العضل. وأقام أبو مسلم عند الإمام إبراهيم يخدمه حضراً وسفراً.


(١) من الكوفة: سقط من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>