للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله في سيف الدولة أيضاً قصيدة لامية طويلة ومن جملة أبياتها قوله:

قد جدت لي باللها حتى ضجرت بها ... وكدت من ضجري أثني على البخل

إن كنت ترغب في أخذ النوال لنا ... فاخلق لنا رغبة أو لا فلا تنل

لم يبقٍ جودك لي شيئاً أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل وهذا المعنى فيه إلمام بقول البحتري (١) ، أعني البيت الأول:

إني هجرتك إذ هجرتك وحشةً ... لا العود يذهبها ولا الإبداء

أخجلتني (٢) بندى يديك فسودت ... ما بيننا تلك اليد البيضاء

وقطعتني بالجود حتى إنني ... متخوفٌ أن لا يكون لقاء

صلةٌ غدت في الناس وهي قطيعة ... عجب وبر راح وهو جفاء وفي معناه أيضا قول دعبل بن علي الخزاعي المقدم ذكره يمدح المطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي أمير مصر (٣) :

زمني بمطلب سقيت زمانا ... ما كنت إلا روضةً وجنانا

كل الندى إلا ندا ك تكلفٌ ... لم أرض بعدك كائناً من كانا

أصلحتني بالبر بل أفسدتني ... وتركتني أتسخط الإحسانا وهو معنى مطروق تداولته الشعراء، وأكثرت استعماله، فمنهم من يستوفيه ومنهم من يقصر فيه، وكتب به علي بن جبلة المعروف بالعكوك - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - إلى أبي دلف العجلي في أبيات رائية، ولولا خوف الإطالة لذكرتها، وما ألطف قول أبي العلاء المعري فيه:

لو اختصرتم من الإحسان زرتكم ... والعذب يهجر للإفراط في الخصر


(١) ديوان البحتري: ٢١ - ٢٢ والقصيدة في مدح أبي بكر جعفر محمد بن علي القمي.
(٢) الديوان: أحشمتني.
(٣) انظر ترجمة دعبل ج ٢ ص: ٢٦٩ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>