للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير، وأنه قال لهم: لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين كل غداة وعشية، ما عدلت ببلدكم بلوغ أمنية، وفي ذلك يقول:

سلام على بغداد في كل موطنٍ ... وحق لها مني سلامٌ مضاعف

فوالله ما فارقتها عن قلىً لها ... وإني بشطي جانبيها لعارف

ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف

وكانت كخلٍ كنت أهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى به وتخالف واجتاز في طريقه بمعرة النعمان، وكان قاصداً مصر، وبالمعرة يومئذ أبو العلاء المعري فأضافه، وفي ذلك يقول من جملة أبيات (١) :

والمالكي ابن نصرٍ زار في سفرٍ ... بلادنا (٢) فحمدنا النأي والسفرا

إذا تفقه أحيا (٣) مالكاً جدلاً ... وينشر الملك الضليل إن شعرا ثم توجه إلى مصر فحمل لواءها، وملأ أرضها وسماءها، واستتبع سادتها وكبراءها، وتناهت إليه الغرائب، وانثالت في يديه الرغائب، فمات لأول ما وصلها من أكلة اشتهاها فأكلها، وزعموا أنه قال وهو يتقلب، ونفسه يتصعد ويتصوب: لا إله إلا الله، إذا عشنا متنا.

وله أشعار رائقة طريفة، فمن ذلك قوله:

ونائمة قبلتها فتنبهت ... فقالت تعالوا واطلبوا اللص بالحد

فقلت لها إني فديتك غاصبٌ ... وما حكموا في غاصبٍ بسوى الرد

خذيها وكفي عن أثيمٍ ظلامةً ... وإن أنت لم ترضي فألفاً على العد

فقالت: قصاص يشهد العقل أنه ... على كبد الجاني ألذ من الشهد

فباتت يميني وهي هميان خصرها ... وباتت يساري وهي واسطة العقد


(١) شروح السقط: ١٧٤٠.
(٢) ر: زار بلدتنا في سفرة.
(٣) الديوان: أعيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>