للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليلاً، وإن بسطت يدي ولم أقبض على يدك فاعلم أنها قبلت وأني قد ظفرت بما كنت أرجوه من النية الخالصة. قال ذلك الشخص: فلما قارب الموت وضعت يدي في يده فبسطها ولم يقبض على يدي، فعلمت أنها علامة القبول، فأظهرت كتبه بعده.

وذكر الخطيب في أول " تاريخ بغداد " (١) عن الماوردي المذكور، قال: كتب أخي إليّ من البصرة وأنا ببغداد:

طيب الهواء ببغداد يشوّقني ... قدماً إليها وإن عاقت مقادير

فكيف صبري عنها الآن إذ جمعت ... طيب الهواءين ممدود ومقصور وقال أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش: أنشدني أبو الحسن الماوردي، قال: أنشدنا أبو الخير الكاتب الواسطي بالبصرة لنفسه:

جرى قلم القضاء بما يكون ... فسيّان التحرك والسكون

جنونٌ منك أن تسعى لرزقٍ ... ويرزق في غشاوته الجنين ويقال إن أبا الحسن الماوردي لما خرج من بغداد راجعاً إلى البصرة كان ينشد أبيات العباس بن الأحنف - المقدم ذكره - وهي (٢) :

أقمنا كارهين لها فلما ... ألفناها خرجنا مكرهينا

وما حب البلاد بنا ولكن ... أمرّ العيش فرقة من هوينا

خرجت أقرّ ما كانت لعيني ... وخلّفت الفؤاد بها رهينا وإنما قال ذلك لأنه من أهل البصرة وما كان يؤثر مفارقتها، فدخل بغداد كارهاً لها ثم طابت له بعد ذلك ونسي البصرة فشق عليه فراقها، وقد قيل إن هذه الأبيات لأبي محمد المزني الساكن بما وراء النهر، كذا قال السمعاني، والله أعلم.


(١) تاريخ بغداد ١: ٥٤.
(٢) انظر تاريخ بغداد ١: ٥٣ وديوان العباس: ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>