للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى مصر قاصداً أبا الفضل جعفر بن الفضل المعروف بابن حنزابة وزير كافور الإخشيدي - المذكور في حرف الجيم (١) - فإنه بلغه أن أبا الفضل عازم على تأليف مسند فمضى إليه ليساعده عليه، وأقام عنده مدة، وبالغ أبو الفضل في إكرامه وأنفق عليه نفقة واسعة وأعطاه شيئاً كثيراً وحصل له بسببه مال جزيل (٢) . ولم يزل عنده حتى فرغ المسند، وكان يجتمع هو والحافظ عبد الغني بن سعيد - المقدم ذكره (٣) - على تخريج المسند وكتابته إلى أن نجز.

وقال الحافظ عبد الغني المذكور (٤) : أحسن الناس كلاماً على حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثلاثة: علي بن المديني (٥) في وقته، وموسى بن هارون (٦) في وقته، والدارقطني في وقته.

وسأل الدارقطني يوماً أحد أصحابه: هل رأى الشيخ مثل نفسه فامتنع من جوابه، وقال: قال الله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم) ، فألح عليه، فقال: إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني، وإن كان من اجتمع فيه ما اجتمع في فلا، وكان مفنناً في علوم كثيرة وإماماً في علوم القرآن.

وكانت ولادة الحافظ المذكور في ذي القعدة سنة ست وثلثمائة. وتوفي يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي القعدة، وقيل ذي الحجة، سنة خمس وثمانين وثلثمائة ببغداد، وصلى عليه الشيخ أبو حامد الإسفرايني الفقيه المشهور المقدم ذكره. ودفن قريباً من معروفٍ الكرخي، في مقبرة باب الدير، رحمه الله تعالى.

والدارقطني: بفتح الدال المهملة وبعد الألف راء مفتوحة ثم قاف مضمومة


(١) انظر المجلد الأول: ٣٤٦.
(٢) ل: كثير.
(٣) ترجمة الحافظ عبد الغني رقم: ٤٠١.
(٤) قارن بما في تذكرة الحفاظ: ٩٩٤.
(٥) علي بن عبد الله بن جعفر المديني ولد سنة ١٦١ وتوفي بسامرا سنة ٢٣٤ (تذكرة الحفاظ: ٤٢٨) .
(٦) موسى بن هارون الحمال الحافظ الحجة البغدادي محدث العراق، توفي سنة ٢٩٤ (تذكرة الحفاظ " ٦٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>