للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معمور الطريق، فتهادته ملوك طوائفها تهادي الرياض بالنسيم، وتنافسوا فيه تنافس الديار في الأنس المقيم، على أنه كان فيما بلغني ضيق العطن، مشهور اللسن، يتلفت إلى الهجاء تلفت الظمأن إلى الماء، ولكنه طوي على غره (١) ، واحتمل بين زمانته وبعد قطره، ولما خلع ملوك الطوائف بأفقنا اشتملت عليه مدينة طنجة، وقد ضاق ذرعه، وتراجع طبعه.

قلت: وهذا أبو الحسن ابن خالة أبي إسحاق الحصري صاحب " زهر الآداب "؛ وذكره ابن بشكوال في كتاب " الصلة " (٢) والحميدي أيضاً، وقال (٣) : كان عالماً بالقراءات وطرقها، وأقرأ الناس القرآن الكريم بسبتة وغيرها، وله قصيدة نظمها في قراءة نافع عدد أبياتها مائتان وتسعة (٤) ، وله ديوان شعر، فمن قصائده السائرة القصيدة التي أولها:

يا ليل الصب (٥) متى غده ... أقيام الساعة موعده

رقد السمار فأرقه ... أسفٌ للبين يردده وهي مشهورة (٦) فلا حاجة إلى إيرادها. وقد وازنها صاحبنا الفقيه نجم الدين موسى بن محمد بن موسى بن أحمد بن عيسى الكناني أبو الفضائل المعروف بالقمراوي، رحمه الله تعالى (٧) - والقمراوي بفتح القاف وسكون الميم وبعد الراء ألف ثم واو، هذه النسبة إلى قمراء وهي ضيعة بالشام من أعمال صرخد - والأبيات:

قد مل مريضك عوده ... ورثى لأسيرك حسده


(١) يقال طويت فلاناً على غره: أي لبسته على ذحل.
(٢) الصلة: ٤١٠.
(٣) انظر الجذوة: ٢٩٦، قلت: وابن خلكان ينقل عن ابن بشككوال لا عن الحميدي؛ فإن ابن بشكوال زاد على ما ذكره الحميدي في ترجمة المصري، وهذه الزيادة هي المنقولة هنا.
(٤) لي: وتسعة أبيات.
(٥) كذا ضبطها بالشكل في المسودة.
(٦) ر: شهيرة
(٧) بعدها في المسودة: بأبيات من جملتها، وفوقها خط خفيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>