للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصرمت وحشة الليالي ... وأقبلت دولة الوصال

وصار بالوصل لي حسوداً ... من كان في هجركم رثى لي

وحقكم بعد إن حصلتم ... بكل ما فات لا أبالي

أحييتموني وكنت ميتاً ... وبعتموني بغير غالي

تقاصرت عنكم قلوبٌ ... فيا له مورداً حلا لي (١)

علي ما للورى حرام ... وحبكم في الحشا حلا لي

تشربت أعظمي هواكم ... فما لغير الهوى وما لي

فما على عادمٍ أجاجاً ... وعنده أعين الزلال ورأيت جماعة ممن حضروا مجلسه وقعدوا في خلوته وتسليكه، كجاري عادة الصوفية، فكانوا يحكون غرائب مما يطرأ عليهم فيها وما يجدونه من الأحوال الخارقة، وكان قد وصل رسولاً إلى إربل من جهة الديوان العزيز، وعقد بها مجلس وعظ، ولم تتفق لي رؤيته لصغر (٢) السن.

وكان كثير الحج، وربما جاور في بعض حججه، وكان أرباب الطريق من مشايخ عصره يكتبون إليه من البلاد صورة فتاوى يسألونه عن شيء من أحوالهم؛ سمعت أن بعضهم كتب إليه " يا سيدي إن تركت العمل أخلدت إلى البطالة، وإن عملت داخلني العجب، فأيهما أولى " فكتب جوابه: " اعمل واستغفر الله تعالى من العجب ". وله من هذا شيء كثير، وذكر في كتابه " عوارف المعارف " أبياتاً لطيفة منها:

أشم منك نسيماً لست أعرفه ... أظن لمياء جرت فيك أذيالا وذكر فيه أيضاً:

إن تأملتكم فكلي عيونٌ ... أو تذكرتكم فكلي قلوب


(١) هذا البيت وقع رابعاً في لي.
(٢) لي: بصغر.

<<  <  ج: ص:  >  >>