للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإيجاز مع الاشتمال على شيء كثير من النحو، ولم يسبق إلى مثلها، واعتنى بها جماعة من الفضلاء فشرحوها، ومنهم من وضع لها أمثلة، ومع هذا كله فلا تفهم حقيقتها، وأكثر النحاة ممن لم يكن قد أخذوها عن موقف يعترفون بقصور أفهامهم عن إدراك مراده منها، فإنها كلها رموز وإشارات؛ ولقد سمعت من بعض أئمة العربية المشار إليه في وقته وهو يقول: أنا ما أعرف هذه المقدمة، وما يلزم من كوني ما أعرفها أن لا أعرف النحو. وبالجملة فإنه أبدع فيها. وسمعت أن له أمالي في النحو، ولكنها لم تشتهر، ورأيت له مختصر " الفسر " (١) لابن جني في شرح ديوان المتنبي، ويقال: إنه كان يدري شيئاً من المنطق.

ودخل إلى الديار المصرية، وقرأ على الشيخ أبي محمد بن بري المقدم ذكره (٢) ، وقد نقل عنه شيئاً في المقدمة المذكورة، وذكر بعض المتأخرين في تصنيفه أنه كان قد قرأ " الجمل " على ابن بري، وسأله عن مسائل على أبواب الكتاب، فأجابه ابن بري عنها، وجرى فيها بحث بين الطلبة حصلت منه فوائد علقها الجزولي مفردة، فجاءت كالمقدمة فيها كلام غامض وعقود لطيفة وإشارات إلى أصول صناعة النحو غريبة، فنقلها الناس عنه واستفادوها منه. ثم قال هذا المصنف (٣) : وبلغني أنه كان إذا سئل عنها: هل هي من تصنيفك قال: لا، لأنه كان متورعاً، ولما كانت من نتائج خواطر الجماعة عند البحث ومن كلام شيخه ابن بري لم يسعه أن يقول: هي من تصنيفي، وإن كانت منسوبة إليه، لأنه هو الذي انفرد بترتيبها.

ثم رجع الجزولي إلى بلاد المغرب بعد أن حج، وأقام بمدينة بجاية مدة، والناس يشتغلون علي، وانتفع به خلق كثير (٤) ، ورأيت جماعة من أصحابه. وتوفي سنة عشر وستمائة بمدينة مراكش (٥) ، رحمه الله تعالى، هكذا سمعت


(١) ل: القسر، وغير معجمة في ن؛ ر: التفسير.
(٢) انظر ما تقدم ص: ١٠٨ من المجلد الثالث.
(٣) النقل متابع لما في انباه الرواة.
(٤) ذكر ابن الزبير أن الجزولي دخل الأندلس بعد قفوله من المشرق، فنزل المرية.
(٥) حاشية س: بل توفي بمدينة أزمور ودفن حذاء قبر الشيخ الصالح أبي شعيب أيوب المعروف بلباريه خارج باب عبدون، قدمها في رسالة عن المستنصر من بني عبد المؤمن؛ نقلت هذه الحاشية من خط أبي حيان على بعض النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>