للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن قتيبة في كتاب " طبقات الشعراء " (١) : قال أبو ضرار الغنوي (٢) : رأيت مية وإذا معها بنون لها، فقلت: صفها لي، قال: مسنونة الوجه طويلة الخد شماء الأنف، عليها وسم جمال، قلت: أكانت تنشدك شيئا مما قال فيها ذو الرمة قال: نعم. ومكثت مية زمانا تسمع شعر ذي الرمة ولاتراه، فجعلت لله تعالى عليها أن تنحر بدنة يوم تراه، فلما رأته رأت رجلا دميما أسود، وكانت من أهل الجمال، فقالت: واسوأتاه، وابؤساه! فقال ذو الرمة (٣) :

على وجه مي مسحة من ملاحة ... وتحت الثياب العار لو كان باديا

ألم تر أن الماء يخبث طعمه ... وإن كان لون الماء أبيض صافيا

فواضيعة الشعر الذي لج فانقضى ... بمي ولم أملك ضلال فؤاديا [ويروى أن ذا الرمة لم ير مية قط إلا في برقع، فأحب أن ينظر إلى وجهها فقال:

جزى الله البراقع من ثياب ... عن الفتيان شرا ما بقينا

يوارين الملاح فلا نراها ... ويخفين القباح فيزدهينا فنزعت البرقع عن وجهها، وكانت باهرة الحسن، فلما رآها مسفرة قال:

على وجه مية مسحة من ملاحة ... البيت المقدم، فنزعت ثيابها وقامت عريانة، فقال:

ألم تر أن الماء يخبث طعمه ... البيت المذكور، فقالت له: أتحب أن تذوق طعمه قال: إي والله، فقالت


(١) الشعر والشعراء: ٤٣٩.
(٢) الشعر والشعراء: أبو سوار الغنوي.
(٣) أكثر المصادر على أن هذه الأبيات موضوعة على لسان ذي الرمة (انظر مثلاً الأغاني: ٣٢٧) والمؤلف ينقل هنا عن ابن قتيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>