للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد تقدم أيضاً ذكر والده وعمه الأكبر عماد الدولة أبي الحسن علي وابن عمه عز الدولة بختيار بن معز الدولة، وهؤلاء كلهم - مع عظم شأنهم وجلالة أقدارهم - لم يبلغ أحد منهم ما بلغه عضد الدولة من سعة المملكة والاستيلاء على الملوك وممالكهم، فإنه جمع بين مملكة المذكورين كلهم، وقد ذكرت في ترجمة كل واحد منهم ما كان له من المماليك، وضم إلى ذلك الموصل وبلاد الجزيرة وغير ذلك، ودانت له البلاد والعباد (١) ودخل في طاعته كل صعب القياد، وهو أول من خوطب بالملك في الإسلام، وأول من خطب بله على المنابر ببغداد بعد الخليفة، وكان من جملة ألقابه تاج الملة ولما صنف له أبو إسحاق الصابي كتاب التاجي في أخبار بني بويه أضافه إلى هذا اللقب، وقد تقدم خبر هذا الكتاب في ترجمته.

وكان فاضلا محبا للفضلاء مشاركا في عدة فنون، وصنف له الشيخ أبو علي الفارسي كتاب الإيضاح والتكملة في النحو - وقد سبق ذكره في ترجمته - وقصده فحول الشعراء في عصره، ومدحوه بأحسن المدائح، فمنهم أبو الطيب المتنبي، ورد عليه وهو بشيراز في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وثلثمائة، وفيه يقول من جملة قصيدته المشهورة الهائية (٢) :

وقد رأيت الملوك قاطبة ... وسرت حتى رأيت مولاها

ومن مناياهم براحته ... يأمرها فيهم وينهاها

أبا شجاع بفارس عضد ال ... دولة فناخسرو شهنشاها

أساميا لم تزده معرفة ... وإنما لذة ذكرناها وهذه القصيدة أول شيء أنشده، ثم أنشده في هذا الشهر قصيدته النونية التي ذكر فيها شعب بوان، ومنها قوله (٣) :

يقول بشعب بوان حصاني ... أعن هذا يسار إلى الطعان


(١) ر: العباد والبلاد.
(٢) ديوان المتنبي: ٥٥٤.
(٣) ديوانه: ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>