للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل للذي بصروف الدهر عيرنا ... هل حارب الدهر إلا من له خط

أما ترى البحر تعلو فوقه جيف ... وتستقر بأقصى قعره الدرر

فإن تكن عبثت أيدي الزمان بنا ... ومسنا من تمادي بؤسه ضرر

ففي السماء نجوم ما لها عدد ... وليس يكسف إلا الشمس والقمر وينسب إليه أيضا:

خطرات ذكرك تستثير مودتي ... فأحس منها في الفؤاد دبيبا

لا عضو لي إلا وفيه صبابة ... فكأن أعضائي خلقن قلوبا وذكر له جملة من النثر أيضا.

وكان خطه في نهاية الحسن. وكان الصاحب بن عباد إذا رأى خطه قال:

هذا خط قابوس، أم جناح طاووس، وينشد قول المتنبي (١) :

في خطه من كل قلب شهوة ... حتى كأن مداده الأهواء

ولكل عين قرة في قربه ... حتى كأن مغيبه الأقذاء وكان الأمير المذكور صاحب جرجان وتلك البلاد، وكانت من قبله لأبيه.

وكانت وفاة أبيه في المحرم سنة سبع وثلاثين وثلثمائة بجرجان، ثم انتقلت مملكة جرجان عنهم إلى غيرهم، وشرح ذلك يطول. وملكها قابوس المذكور في شعبان سنة ثمان وثمانين وثلثمائة، وكانت المملكة قد انتقلت إلى أبيه من أخيه مرداويج بن زيار بن وردانشاه الجيلي، وكان ملكا جليل القدر بعيد الهمة. وكان عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه - المقدم ذكره (٢) - من أحد أتباعه ومقدمي أمرائه، وبسببه ترقى إلى درجة الملك، وشرح حديثه يطول، وهو أول من ملك من بني بويه، وهو أكبر الإخوة - وقد سبق ذكر ذلك كله.

وكان قابوس من محاسن الدنيا وبهجتها، غير أنه كان، على ما خص به من


(١) ديوانه: ١١٦.
(٢) انظر ج ٣: ٣٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>