للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٥٦) كان والده زين الدين علي المعروف بكجك صاحب إربل، ورزق أولادا كثيرة، وكان قصيرا، ولهذا قيل له كجك وهو لفظ أعجمي معناه بالعربي صغير: أي صغير القدر، وأصله من التركمان، وملك إربل وبلادا كثيرة في تلك النواحي، وفرقها على أولاد أتابك قطب الدين مودود بن زنكي صاحب الموصل ولم يبق له سوى إربل، والشرح يطول، وعمر طويلا، يقال إنه جاوز مائة سنة وعمي في آخر عمره، وانقطع بإربل إلى أن توفي بها ليلة الأحد حادي عشر ذي القعدة سنة ثلاث وستين وخمسمائة [وقال ابن شداد في " سيرة صلاح الدين " (١) : مات في ذي الحجة من السنة] (٢) ودفن في تربته المعروفة به المجاورة للجامع العتيق داخل البلد رحمه الله تعالى، وكان موصوفا بالقوة المفرطة والشهامة، وله بالموصل أوقاف كثيرة مشهورة من مدارس وغيرها.

[قال شيخنا الحافظ عز الدين أبو الحسن علي المعروف بابن الأثير الجزري في تاريخه الصغير الذي عمله لبني أتابك ملوك الموصل (٣) : إن زين الدين المذكور سار عن الموصل إلى إربل سنة ثلاث وستين وخمسمائة، وسلم جميع ما كان بيده من البلاد والقلاع إلى أتابك قطب الدين، فمن ذلك سنجار وحران وقلعة عقر الحميدية وقلاع الهكارية جميعها وتكريت وشهرزور وغير ذلك، وما ترك لنفسه سوى إربل، وكان قد حج هو وأسد الدين شيركوه بن شاذي في سنة خمس وخمسين وخمسمائة] (٤) .

ولما توفي ولي موضعه ولده مظفر الدين المذكور وعمره أربع عشرة سنة، وكان أتابكه مجاهد الدين قايماز - المذكور في حرف القاف - فأقام مدة، ثم تعصب مجاهد الدين عليه، وكتب محضرا أنه ليس أهلا لذلك، وشاور الديوان العزيز في أمره واعتقله، وأقام أخاه زين الدين أبا مظفر يوسف مكانه، وكان أصغر منه، ثم أخرج مظفر الدين من البلاد، فتوجه إلى بغداد فلم يحصل له بها


(١) سيرة صلاح الدين: ٣٩.
(٢) ما بين معقفين لم يرد في النسخ الخطية.
(٣) الباهر: ١٣٥.
(٤) لم يرد في النسخ الخطية التي اعتمدناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>