للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٦١) قلت: ثم انترعها السلطان الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتح بيبرس الصالحي النجمي من أيديهم في ثاني عشرين رجب من شهور سنة ثلاث وستين وستمائة بعد أن ملك قيسارية وخربها وعفى آثارها مع كثير من البلاد الساحلية التي تجاورها مثل يافا وغيرها، فامتلكها وبقي بها بعد ذلك (١) .

والملك الظاهر المذكور هو أحد مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل ابن الملك العادل ابن أيوب - وسيأتي ذكر والده في محله - وتولى المملكة بعد قتل الملك المظفر سيف الدين قطز بن عبد الله المعزي في سنة ثمان وخمسين وستمائة، وكان قتل المظفر وهو عائد من كسرة التتر المخذولين، وهي الكسرة المشهورة على عين جالوت بالقرب من بيسان، وقتل بمنزلة القصير من الرمل، وتولى الظاهر بعده باتفاق الأمراء عليه وتوجه لليلته ووصل القلعة في اليوم الثاني لمسيره ودخلها، وكنت يومئذ بالقاهرة.

وكان ملكا عالي الهمة شديد البأس، لم نر في هذا الزمان ملكا مثله في عزمه وهمته وسعادته، وفتح من حصون الفرنج والإسماعيلية ما أعيا من تقدمه من ملوك الإسلام (٢) وذلك في مدة مملكته. وكسر التتر دفعات آخرها في أواخر سنة خمس (٣) وسبعين وستمائة بحدود بلاد الروم، ودخل الروم ووصل إلى قيسارية


(١) زاد هنا في المختار قوله: " قلت، أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به: والذي فتح الملك الظاهر المذكور من البلاد من أيدي الفرنج، خذلهم الله تعالى، غير أرسوف ويافا المذكورتين: قيسارية المجاورة لأرسوف، والقرين الحصن المقارب لعكا، وصفا والشقيف وحصن عكار وحصن الأكراد وحلبا وعرقا والقليعات وصافيتا وأنطاكية وقصير أنطاكية، وأغار على طرابلس فقطع أشجار بساتينها وخرب قناتها، وبذلك انقطع الماء عنها، وأغار على عكا وشعث قراها وفتك بأبطالها وأسر جماعة من ملوك البحر فيها ومن فرسانها، تغمده الله برحمته ".
(٢) زاد هنا في المختار: " قلت، أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به: " وفتح صهيون وبلاطنش وما جاورهما من الحصون واستقصى فتح حصون الإسماعيلية بالشام، وفتح دنقلة كرسي بلاد النوبة وما جاورها من بلادهم، وفتح بلاد السيس دفعتين، وأسر ابن ملكها ثم من عليه من الديار المصرية، قدس الله روحه ".
(٣) ل: أربع.

<<  <  ج: ص:  >  >>