للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرحبة (١) ، وولاه القضاء بالموصل وديار ربيعة عوضا عن كمال الدين. ثم إن الخليفة المقتفي سير رسولا وشفع في كمال الدين وأخيه فأخرجا من الاعتقال، وقعدا في بيوتهما وعليهما الترسيم، وحبس بالقلعة جلال الدين أبو أحمد ولد كمال الدين وضياء الدين أبو الفضائل القاسم بن تاج الدين.

ولما مات سيف الدين غازي في التاريخ المذكور في ترجمته رفع الترسيم عنهما، وحضرا إلى قطب الدين مودود بن زنكي - وقد تولى السلطنة بعد أخيه سيف الدين - وكان راكبا في ميدان الموصل، فلما قربا منه ترجلا وعليهما ثياب العزاء بغير طرحات، فلما وصلا إليه ترجل لهما أيضا، وعزياه عن اخيه وهنآه بالولاية، ثم ركبوا، ووقف كل واحد منهما على جانبه، ثم عادا إلى بيتهما بغير ترسيم، وصارا يركبان في الخدمة.

ثم انتقل كما الدين إلى خدمة نور الدين محمود صاحب الشام في سنة خمسين (٢) وخمسمائة، وأقام بدمشق مدة، ثم عزل زكي الدين عن الحكم، وتولاه كمال الدين في شهر صفر سنة خمس وخمسين وخمسمائة، واستناب ولده وأولاد أخيه ببلاد الشام، وترقى إلى درجة الوزارة، وحكم في بلاد الشام الإسلامية في ذك الوقت، واستناب ولده القاضي محيي الدين في الحكم بمدينة حلب، ولم يكن شيء من أمور الدولة يخرج عنه، حتى الولاية وشد الديوان وغير ذلك، وذلك في أيام نور الدين محمود بن زنكي صاحب الشام، وتوجه من جهته رسولا إلى الديوان في أيام المقتفي، وسيره المقتفي رسولا للإصلاح (٣) بين نور الدين المذكور وقلج ارسلان بن مسعود صاحب الروم. ولما مات نور الدين وملك صلاح الدين دمشق أقره على ما كان عليه.

وكان فقيها أديبا شاعرا كاتبا ظريفا فكه المجالسة، يتكلم في الخلاف والأصولين كلاما حسنا، وكان شهما جسورا كثير الصدقة والمعروف، وقف أوقافا كثيرة بالموصل ونصيبين ودمشق، وكان عظيم الرياسة خبيرا بتدبير الملك،


(١) ر: وكان قاضياً بالرحبة.
(٢) ر: أربع وخمسين؛ ل لي س من بر: خمس وخمسين.
(٣) ن: للصلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>