للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الموصل تقدما كثيرا، وتوجه عنه رسولا إلى بغداد غير مرة، وإلى الملك العادل، وناظر في ديوان الخلافة، واستدل في مسألة شراء الكافر للعبد المسلم، وذلك في سنة ست وتسعين وخمسمائة، وتولى القضاء بالموصل (١) يوم الخميس رابع شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، ثم انفصل عنه بأبي الفضائل القاسم بن يحيى بن عبد الله بت القاسم الشهرزوي الملقب ضياء الدين - المذكور في ترجمة عمة كمال الدين - في صفر سنة ثلاث وتسعين، وولي ضياء الدين المذكور يوم الأربعاء سابع عشر صفر المذكور، وانتهت إليه رياسة أصحاب الشافعي بالموصل.

وكان شديد الورع والتقشف لايلبس الثوب الجديد حتى يغسله، ولا يمس القلم للكتابة إلا ويغسل (٢) يده، وكان دمث الأخلاق لطيف الخلوة ملاطفا بحكايات وأشعار، وكان كثير المباطنة لنور الدين صاحب الموصل يرجع إليه في الفتاوى ويشاور في الأمور وله صنف العقيدة المذكورة ولم يزل معه حتى انتقل عن مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي، ولم يوجد في بيت أتابك مع كثرتهم شافعي سواه.

ولما توفي نور الدين في سنة سبع وستمائة - كما تقدم - توجه إلى بغداد في الرسالة بسبب تقرير ولده الملك القاهر مسعود - وسيأتي ذكره في ترجمة جده مسعود إن شاء الله تعالى - فعاد وقد قضى الشغل ومعه الخلعة والتقليد، وتوفرت حرمته عند القاهر أكثر مما كانت عند أبيه، وكان مكمل الأدوات، غير أنه لم يرزق سعادة في تصانيفه، فإنها ليست على قدر فضائله.

وكانت ولادته بقلعة إربل سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، في بيت صغير منها، ولما وصل إلى إربل في بعض رسائله دخل ذلك البيت وتمثل بالبيت المشهور، وهو:

بلاد بها نيطت علي تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها


(١) ت: وتولى القضاء بالموصل مدة يسيرة (وسقط تعيين اليوم والشهر) .
(٢) ن: حتى يغسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>