للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشكا إلى عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير سوء الحال، فقال له: أليس قد كتبنا إلى إبراهيم في أمرك قال: نعم، قد كتبت إلى رجل قد قصر من همته طول الفقر، وذل الأسر، ومعاناة الدهر، فاخفق سعيي وخابت طلبتي، فقال عبيد الله: أنت اخترته، فقال: وما علي أيها الوزير في ذلك وقد اختار موسى قومه سبعين رجلا فما كان فيهم رشيد، واختار النبي صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن سعد بن أبي سرح كاتبا فرجع إلى المشركين (١) مرتدا، واختار علي بن أبي طالب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري حاكما له فحكم عليه.

وإنما قال ذل الأسر لأن إبراهيم المذكور كان قد أسره علي بن محمد صاحب الزنج بالبصرة وسجنه فنقب السجن وهرب.

ودخل (٢) على أبي الصقر إسماعيل بن بلبل الوزير يوما فقال له ما الذي أخرك عنا يا أبا العيناء فقال: سرق حماري، فقال: وكيف سرق قال: لم أكن مع اللص فأخبرك، قال: فهلا أتيتنا على غيره، قال: قعد بي عن الشراء قلة يساري وكرهت ذلة (٣) المكاري، ومنة العواري. وخاصم علويا فقال له العلوي: تخاصمني وأنت تقول كل يوم: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، فقال: لكني (٤) أقول: الطيبين الطاهرين، ولست منهم. ووقف عليه رجل من العامة فلما أحس به قال: من هذا قال: رجل من بني آدم، فقال ابو العيناء: مرحبا بك أطال الله بقاءك، ماكنت أظن هذا النسل إلا قد انقطع. وصار يوما إلى باب صاعد بن مخلد فاستأذن عليه، فقيل هو مشغول بالصلاة، فقال: لكل جديدة لذة، وكان صاعد قبل الوزارة نصرانيا. ومر بباب عبد الله ابن منصور وهو مريض وقد صلح، فقال لغلامه: كيف خبره فقال: كما تحبن فقال: ما لي لا أسمع الصراخ عليه ودعا سائلا ليعيشه فلم يدع شيئا إلا أكله، فقال: يا هذا دعوتك رحمة فتركتني رحمة. ولقيه بعض أصحابه في


(١) ق: مكة.
(٢) لي: ودخل أبو العيناء.
(٣) ل ن: دلة.
(٤) لي: بل ولكني.

<<  <  ج: ص:  >  >>