للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يسأل عنه في أفصح (١) لفظ وأملح سجع، وكان مختصا بحضرة الوزير أبي محمد المهلبي - المقدم ذكره (٢) - منقطعا إليه، وله مسائل وأجوبة مدونة في كتاب مشهور بأيدي الناس، وكان رؤساء ذلك العصر وفضلاؤه يداعبونه ويكتبون إليه المسائل الغريبة المضحكة، فيكتب الجواب من غير توقف ولا تلبث مطابقا لما سألوه، وكان الوزير المذكور يغري به جماعة يضعون له من الأسئلة الهزلية على معان شتى من النوادر الطنزية ليجيب عنها بتلك الأجوبة، فمن ذلك ما كتب إليه العباس (٣) بن المعلى الكاتب: مايقول القاضي، وفقه الله تعالى، في يهودي زنى بنصرانية فولدت ولدا جسمه للبشر ووجهه للبقر، وقد قبض عليهما، فما يرى القاضي فيهما فكتب جوابه بديها: هذا من أعدل الشهود على الملاعين اليهود، بأنهم أشربوا حب العجل في صدورهم حتى خرج من أيورهم، وأرى أن يناط برأس اليهودي رأس العجل، ويصلب على عنق النصرانية الساق مع الرجل، ويسحبا على الأرض، وينادى عليهما ظلمات بعضها فوق بعض، والسلام.

ولما قدم الصاحب بن عباد - المقدم ذكره (٤) - إلى بغداد حضر مجلس الوزير المهلبي المقدم ذكره أيضا، وكان في المجلس القاضي أبو بكر المذكور، فرأى من ظرفه وسرعة أجوبته مع لطافتها ما عظم منه تعجبه، وكتب الصاحب إلى أبي الفضل ابن العميد كتابا يقول فيه: وكان في المجلس شيخ خفيف الروح يعرف بالقاضي ابن قريعة، جاراني في مسائل خستها تمنع (٥) من ذكرها، إلا أني استظرفت من كلامه، وقد سأله كهل (٦) يتطلب بحضرة الوزير أبي محمد عن حد القفا، فقال: ما اشتمل عليه جربانك، ومازحك فيه إخوانك، وأدبك فيه سلطانك، وباسطك فيه غلمانك، فهذه حدود أربعة (٧) .


(١) لي: بأفصح.
(٢) انظر ج ٢: ١٢٤.
(٣) لي: أبو العباس.
(٤) انظر ج ١: ٢٢٨.
(٥) س ن: حسنها يمنع.
(٦) ق: رجل.
(٧) وردت هذه القصة على النحو التالي في مج: " وأخبر محمد ن جعفر التميمي قال، قال ابو الحسن الزهراني لابن قريعة في مجلس المهلبي: ما حدود الفق؛ فأجابه في الوقت: ما داعبك فيه اخوانك، وشرطك فيه حجامك، وأدبك فيه سلطانك، واشتمل عليه جربانك، فقال له: ما حد الصفع؛ قال: الرفع والوضع والضر والنفع. قال هلال بن المحسن الكاتب توفي ابن قريعة في يوم السبت.... الخ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>