للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهر كتاب النسب للشريف العابد (١) بخط أهل الأدب من عصرنا نسب ابن تومرت المذكور فنقلته كما وجدته وهو: محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن هود بن خالد بن تمام بن عدنان بن صفوان بن سفيان بن جابر بن يحيى بن عطاء بن رباح بن يسار بن العباس بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، والله أعلم.

وهو من جبل السوس في أقصى بلاد المغرب، ونشأ هناك ثم رحل إلى المشرق في شبيبته طالباً للعلم، فانتهى إلى العراق، واجتمع بأبي حامد الغزالي والكيا الهراسي والطرطوشي وغيرهم، وحج وأقام بمكة مديدة وحصل طرفاً صالحاً من علم الشريعة والحديث النبوي وأصول الفقه والدين.

وكان ورعاً ناسكاً متقشفاً مخشوشناً مخلوقاً كثير الإطراق، بساماً في وجوه الناس، مقبلاً على العبادة، لا يصحبه من متاع الدنيا إلا عصا وركوة. وكان شجاعاً فصيحاً في لسان العربي والمغربي، شديد الإنكار على الناس فيما يخالف الشرع، لا يقنع في أمر الله بغير إظهاره. وكان مطبوعاً على الالتذاذ بذلك متحللاً للأذى من الناس بسببه، وناله بمكة، شرفها الله تعالى، شيء من المكروه من أجل ذلك، فخرج منها إلى مصر وبالغ في الإنكار، فزادوا في أذاه، وطردته الدولة، وكان إذا خاف من ابطش وإيقاع الفعل به خلط في كلامه فينتسب إلى الجنون؛ فخرج من مصر إلى الإسكندرية، وركب البحر متوجهاً إلى بلاده. وكان قد رأى في منامه وهو في بلاد المشرق كأنه شرب ماء البحر جميعه كرتين، فلما ركب في الفينة شرع في تغيير المنكر على أهل السفينة، وألزمهم بإقامة الصلوات وقراءة أحزاب من القرآن العظيم، ولم يزل على ذلك حتى انتهى إلى المهدية إحدى مدن (٢) إفريقية، وكان ملكها يومئذ الأمير يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الصنهاجي، وذلك في سنة خمس وخمسمائة.

هكذا وجدته في " تاريخ القيروان "، وقد تقدم في ترجمة الأمير تميم والد يحيى المذكور أن محمد بن تومرت المذكور اجتاز في أيام ولايته بإفريقية عند عوده من


(١) في بعض النسخ: في كتاب النسب الشريف العابد وأثبتنا ما في ن؛ وقد سقط هذا النسب من بر من.
(٢) ر ق ن: قرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>