للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إلى القاضي الفاضل يشكو من السلطان لأجل ذلك، فكتب القاضي الفاضل جوابه، وفي جملته: " وأما ما ذكره المولى من قوله يسير لنا الحمل من مالنا أو من ماله، فتلك لفظة فظة ما المقصود بها من المالك النجعة، وإنما المقصود بها من الكاتب السجعة، وكم من لفظة فظة، وكلمة فيها غلظة، جبرت عي الأقلام، وسدت خلل الكلام، وعلى المملوك الضمان في هذه النكتة، وقد فات لسان القلم منها أي سكنة، وكان المملوك حاضراً وقد خرجت قوارع الاستحثاث، وصرصر البازي وقوة نفس العماد قوة نفس البغاث، والسلام ".

ولما ملك السلطان مدينة حلب في صفر سنة تسع وسبعين وخمسمائة - كما تقدم في ترجمة عماد الدين زنكي (١) - أعطاها لولده الملك الظاهري غازي - المقدم ذكره - ثم أخذها منه أعطاها للملك العادل، فانتقل إليها وقصد (٢) قلعتها يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر رمضان المعظم من السنة المذكورة، ثم نزل عنها للملك الظاهري غازي ابن السلطان - المقدم ذكره - لمصلحة وقع الاتفاق عليها بينه وبين أخيه صلاح الدين، وخرج منها في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة ليلة السبت الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول، ثم أعطاها السلطان قلعة الكرك، وتنقل في المماليك في حياة السلطان وبعد وفاته؛ وقضاياه مشهورة مع الملك الفضل والملك العزيز والملك الظاهر، فلا حاجة إلى الإطالة بشرحها؛ وآخر الأمر أنه استقل بمملكة الديار المصرية، وكان دخوله القاهرة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة، واستقرت له القواعد.

وقال أبو البركات ابن المستوفي في " تاريخ إربل " في ترجمة ضياء الدين أي الفتح نصر الله المعروف بابن الأثير الوزير الجزري ما مثاله: وجدت بخطه " خطب للملك العادل أبي بكر ابن أيوب بالقاهرة ومصر يوم الجمعة الحادي والعشرين من شوال سنة ست وتسعين وخمسمائة، وخطب له بحلب يوم الجمعة حادي عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. وملك معها البلاد الشامية والشرقية وصفت له الدنيا، ثم ملك بلاد اليمن في سنة اثنتي عشرة وستمائة، وسير إليها


(١) انظر ج ٢: ٣٢٧.
(٢) ن ر ق بر من: وصعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>