للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديلمي والد عضد الدولة - وقد تقدم ذكرهما (١) - وتولى وزارته عقيب موت وزيره أبي علي ابن القمي، وذلك في سنة ثمان وعشرين وثلثمائة (٢) ، وكان متوسعاً في علوم الفلسفة والنجوم، وأما الأدب والترسل فلم يقاربه فيه أحد في زمانه، وكان يسمى الجاحظ الثاني، وكان كامل الرياسة جليل المقدار، من بعض أتباعه الصاحب ابن عباد - المقدم ذكره - ولأجل صحبته قيل له الصاحب، وكان له في الرسائل اليد البيضاء.

قال الثعالبي في كتاب " اليتيمة ": كان يقال: بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد، وقد تقدم ذكر عبد الحميد.

وكان الصاحب ابن عباد قد سافر إلى بغداد، فلما رجع إليه قال له: كيف وجدتها فقال: بغداد في البلاد، كالأستاذ في العباد، وكان يقال له " الأستاذ " وكان سائساً مدبراً للملك قائماً بحقوقه.

وقصد جماعة من مشاهير الشعراء من البلاد الشاسعة، ومدحوه بأحسن المدائح، فمنهم أبو الطيب المتنبي، ورد عليه وهو بأرجان، ومدحه بقصائد إحداهما التي أولها (٣) :

باد هوالك صبرت أو لم تصبرا ... وبكاك إن لم يجر دمعك أو جرى ومنها عند مخلصها:

أرجان أيتها الجياد فإنه ... عزمي الذي يذر الوشيج مكسرا

لو كنت أفعل ما اشتهيت فعاله ... ما شق كوكبك العجاج الأكدرا

أمي أبا الفضل المبر، أليتي ... لأيممن أجل بحر جوهرا


(١) انظر ج ٢: ١١٨.
(٢) جاء في مج أن ركن الدولة كان واهي السياسة " قطع على بغال له خرجت إلى العلف، فأخذ منها ستة بغال، فقال: كم كان الحرامية فقيل: سبعة فقال: الآن يختلفون لأن البغال لا تتقسم على عددهم: فقامت سياسة ابن العميد لضبط الأمر وسد خلل ضعف صاحبه، وله في ذلك أخبار مشهورة ".
(٣) ديوان المتنبي: ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>